خارج عنه، ومثّل بعضهم بقوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ} [الإسراء: 99] قال: من
قال: لا شك فيه فهو التفسير، ومن قال: لأنه حقّ في نفسه لا يقبل الشك،
فهو التأويل. انتهى ما في "الفتح" (?).
[المسألة الثانية]: كتب صاحب "التكملة" هنا بحثًا نفيسًا، أحببت إيراده
هنا؛ لنفاسته، قال رحمه الله: قد اختصر مسلم رحمه الله في كتاب التفسير، فلم يورد
فيه إلا ثمانية عشر حديثًا، وذلك لأن الأحاديث المرفوعة الخاصّة بتفسير القرآن
الكريم يقلّ فيها توافر الشروط التي التزم بها مسلم لإخراج الأحاديث في هذا
الكِتاب، وأما الأحاديث التي يُستنبط منها مسألة من مسائل التفسير، أو لها
علاقة بآية من آيات القرآن، وإن لم تكن في صميم موضوع التفسير، فإن
المصنّف أخرجها في الأبواب الأخرى من هذا الكتاب، وليس من عادته
التكرار، ولهذا قلّت أحاديث هذا الكتاب.
وقد اشتهَر فيما بين المتأخّرين ممن كتبوا في مصطلح الحديث أن اسم
"الجامع" إنما يُطلق على الكتاب الذي يجمع أحاديث تتعلّق بثمانية مواضيع،
وهي: العقائد، والأحكام، والرقاق، والآداب، والتفسير، والسيرة، والفتن،
والمناقب، وذكروا أن "صحيح البخاريّ" جامع لتضمّنه هذه الأبواب كلها،
وأما "صحيح مسلم" فقالوا: إنه ليس جامعًا، لقلّة التفسر فيه.
قال: وقد بحثت عن تعريف اصطلاح "الجامع" في كتب المتقدّمين، فلم أجد
عندهم هذا الاصطلاح بهذا التعريف، ولكنهم أطلقوا هذا اللفظ على "صحيح
البخاريّ"، و"جامع سفيان الثوريّ"، و"جامع عبد الرزّاق"، و"موطأ الإمام مالك"،
وغيره، وقد عرّف الشيخ محمود محمد خطّاب السبكيّ رحمه الله لفظ الجامع بطريق
آخر، فقال في مقدّمة "المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود": والجامع ما
كان مرتّبًا على أبواب الفقه؛ كالكتب الستّة، أو على ترتيب الحروف في أوائل
الترجمة؛ ككتاب الإيمان، والبرّ، والتوبة، والثواب، وهكذا فعل صاحب "جامع
الأصول"، أو باعتبار رعاية الحروف في أوائل الحديث، كما فعل السيوطيّ في
"الجامع الصغير"، وقد جمع في "الجامع الكبير" بين الجامع والمسند.