أنا براعي غنم يريد من الصخرة مثل ما أردت، فقلت: من أنت (1) يا غلام؟
قال: لرجل من قريش، فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم،
قلت: هل أنت حالبنا؟ قال: نعم، فأمرته، فاعتقل شاة من الغنم، فأمرته،
فنفض ضرعها، ثم أمرته، فنفض كفيه من الغبار، فحلب لي كثبة من لبن،
ومعي إداوة على فمها خرقة، فصببت الماء على اللبن، ثم أتيت به
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوافقته قد استيقظ، قلت: اشرب يا رسول الله، وارتحلنا، فلم
يلحقنا من المطلب أحد، غير سراقة بن مالك بن جعشم، على فرس له، فقلت:
هذا المطلب قد لحقنا يا رسول الله، قال: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] فلما دنا دعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فساخ فرسه في الأرض إلى بطنه، ووثب
عنه، وقال: يا محمد، قد علمت أن هذا عملك، فادع الله أن يُخلِّصني مما أنا
فيه، ولك علي لأُعَمِّيَنّ على من ورائي، وهذه كنانتي، فخذ سهمًا منها، فإنك
ستمر على إبلي، وغلماني، بمكان كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، فقال: "لا
حاجة لي في إبلك"، فقدمنا إلى المدينة ليلًا، فتنازعوا أيهم ينزل عليهم؟
فقال: "أنزل على بني النجار أخوال عبد المطلب، أُكرمهم بذلك"، فصعد
الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرّق الغلمان، والخدم في الطرق، ينادون:
يا محمد، يا رسول الله، يا محمد، يا رسول الله. انتهى (?).
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.