وقال القاري: "حتى قام قائم الظهيرة"، أي: بلغت الشمس وسط
السماء، ففي "النهاية"؛ أي: قامت الشمس وقت الزوال، من قولهم: قامت به
دابته؛ أي: وقفت، والمعنى: أن الشمس إذا بلغت وسط السماء أبطأت حركة
الظل إلى أن تزول، فيحسب الناظر أنها قد وقفت، وهي سائرة، لكن سيرًا لا
يظهر له أثر سريع، كما يظهر قبل الزوال وبعده، فيقال لذلك الوقوف
المشاهَد: قام قائم الظهيرة. انتهى (?).
(وَخَلَا الطَّرِيقُ)؛ أي: صار خاليًا عن مرور الناس، وهذا يدل على أنه
كان في زمن الحرّ، وقيل في قوله: {عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} [القصص: 15]؛
أي: نصف من النهار، وقوله: (فَلَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ) تأكيد لِمَا قبله، (حَتَّى رُفِعَتْ
لَنَا) بالبناء للمفعول؛ أي: ظهرت لأبصارنا (صَخْرَةٌ طَوِيلَة، لَهَا)؛ أي: لتلك
الصخرة (ظِلٌّ)؛ أي: عظيم، من صفته (لَمْ تَأْتِ) بالتأنيث، ويُذَكَّر، أي: لم
تحكم (عَلَيْهِ الشَّمْسُ)، أي: بشعاعها (بَعْدُ)؛ أي: الآن، لأن "بعدُ" تستعمل
بمعنى الآن، كما في قول الشاعر [من الطويل]:
كَمَا قَدْ دَعَانِي فِي ابْنِ مَنْصُورَ قَبْلَهَا ... وَمَاتَ فَمَا حَانَتْ مَنِيَّتُهُ بَعْدُ
أي: الآن، قاله المرتضى في "التاج" (?).
(فَأَتَيْتُ الصَّخْرَةَ، فَسَويتُ بِيَدِي) بالإفراد، وَيحْتمل أن يكون بالتثنية،
(مَكَانًا) وقوله: (يَنَامُ فِيهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) استئناف تعليل، أو صفة لـ "مكانًا"، (فِي
ظِلِّهَا) هذا إشعار بزيادة الاهتمام في الخدمة. (ثُمَّ بَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً)؛ أي:
وفرشت على المكان جلدًا بشَعْره، وقال في "الفتح": قوله: "وبسطت عليه
فروة" هي معروفة، وَيحْتَمِل أن يكون المراد: شيء من الحشيش اليابس، لكن
يقوِّي الأول أن في رواية يوسف بن إسحاق: "ففرشت له فروة معي"، وفي
رواية خَدِيج في "جزء لُوين": "فروة كانت معي".
وقال النوويّ رحمه الله: المراد: الفروة المعروفة التي تُلْبَس، هذا هو
الصواب، وذكر القاضي أن بعضهم قال: المراد بالفروة هنا الحشيش، فإنه