(18) - (بَابٌ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: حَدِيثُ الرَّحْلِ)
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7482] (2009) - (حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ،
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبِ يَقُولُ: جَاءَ أَبُو
بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ، فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلًا، فَقَالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثْ مَعِيَ
ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي إِلَى مَنْزِلِي، فَقَالَ لِي أَبِي: احْمِلْهُ، فَحَمَلْتُهُ، وَخَرَجَ أَبِي مَعَهُ
يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا لَيْلَةَ سَرَيْتَ مَعَ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا كُلَّهَا، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَخَلَا
الطَّرِيقُ، فَلَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَة طَوِيلَة، لَهَا ظِلٌّ، لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ
الشَّمْسُ بَعْدُ، فَنَزَلْنَا عِنْدَهَا، فَأَتيْتُ الصَّخْرَةَ، فَسَويتُ بِيَدِي مَكَانًا يَنَامُ فِيهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
فِي ظِلِّهَا، ثُمَّ بَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً، ثُمَّ قُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا
حَوْلَكَ، فَنَامَ، وَخَرَجْتُ أنفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ، مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى
الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا، فَلَقِيتُهُ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أنتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ
مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفتَحْلُبُ لِي؟ قَالَ:
نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً، فَقُلْتُ لَهُ: انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ الشَّعَرِ، وَالتُّرَابِ، وَالْقَذَى، قَالَ:
فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى الأُخْرَى، يَنْفُضُ، فَحَلَبَ لِي فِي قَعْبٍ مَعَهُ، كُثْبَةً
مِنْ لَبَنٍ، قَالَ: وَمَعِي إِدَاوَةٌ، أَرْتَوِي فِيهَا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَشْرَبَ مِنْهَا، وَيتَوَضَّأَ، قَالَ:
فَأَتَيْتُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ مِنْ نَوْمِهِ، فَوَافَقْتُهُ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ
مِنَ الْمَاءِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اشْرَبْ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، قَالَ:
فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ: "أَلمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟ "، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَارْتَحَلْنَا
بَعْدَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ،
فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ أُتِينَا، فَقَالَ: "لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا"، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا أُرَى، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ،