سنة (55) وقيل غير ذلك، وحُمل إلى المدينة، فدُفن بالبقيع - رضي الله عنه - (فَجَاءَهُ ابْنُهُ

عُمَرُ) بن سعد بن أبي وقّاص المدنيّ، نزيل الكوفة، صدوق، ولكن مَقَته

الناس؛ لكونه كان أميراً على الجيش الذين قتلوا الحسين بن علي - رضي الله عنهما -، من

الثانية، قتله المختار سنة خمس وستين، أو بعدها، ووَهِم من ذكره في

الصحابة، فقد جزم ابن معين بأنه وُلد يوم مات عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وليس

له في مسلم شيء، بل ليس له في الكتب الستة إلا عند النسائيّ.

(فَلَمَّا رَآه سَعْدٌ) أبوه - رضي الله عنه - (قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ)؛ أي:

من شرّ عمر، إنما قال ذلك خشية أن يأتيه بما يبعثه أن يشارك الناس المتقاتلين

في ذلك الوقت، وكان - رضي الله عنه - ممن قعد في الفتنة، ولزم بيته، وأمر أهله أن لا

يخبروه من أخبار الناس بشيء، حتى تجتمع الأمة على إمام (?).

(فَنَزَلَ) ولده عمر عن دابته، (فَقَالَ لَه)؛ أي: لأبيه سعد - رضي الله عنه -، (أنزَلْتَ)

بهمزة الاستفهام الإنكاريّ، (فِي إِبِلِكَ، وَغنَمِكَ)؛ أي: في إصلاحها، وتربيتها،

(وَتَرَكتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ) أيهم يأخذه، وفي رواية أحمد: "عن

عامر بن سعد، أن أخاه عمر، انطلق إلى سعد في غنم له، خارجًا من المدينة،

فلما رآه سعد، قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فلما أتاه، قال: يا أبت

أرضيت أن تكون أعرابيّاً في غنمك، والنّاس يتنازعون في الملك بالمدينة،

فضرب سعد صدر عمر، وقال: اسكت ... " الحديث.

(فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ)؛ أي: صَدْر عمر تأديباً له في قوله هذا؛ لأن

مثله لا ينبغي له أن يخاطب سعداً بمثل هذا الخطاب؛ لأنه أعلم منه بأمور

الشريعة. (فَقَالَ) سعد: (اسْكُتْ) لا تتكلم بمثل هذا الكلام؛ فإنه حثّ

للمشاركة في إراقة دماء المسلمين، ثم بيّن سبب أمره له بالسكوت: (سَمِعْتُ

رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِي) بمثناة فوقية: من يترك

المعاصي؛ امتثالاً للمأمور به، واجتناباً للمنهيّ عنه، فَعِيل، من الوقاية، وتاؤه

مقلوبة عن واو، وقيل: هو المُبالغ في تجنب الذنوب (?)

(الْغَنِيَّ) قال النوويّ -رحمه الله-: المراد بالغنى: غنى النفس، هذا هو الغني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015