السائل بقوله: الحقوق كثيرة. انتهى، والأول أظهر، والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً) فيما قلت (فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ) عليه أولاً من
القرع والفقر.
(قَالَ) النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (وَأتَى) الملَك (الأَعْمَى فِي صُورَته، وَهَيْئَتِهِ) علي
التقديرين الماضيين؛ أي: على صورة الملك حين أتاه أول مرّة، أو على صورة
الأعمى: كما سبق بيانه. (فَقَالَ) الملَك للأعمى: (رَجُل مِسْكِين، وَابْن سَبِيلٍ)؛
أي: مسافر (إنْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ)؛ أي: الأسباب التي أستعين بها (فِي سَفَرِي،
فَلَا بَلَاغَ)؛ أي: لا مؤونة (لِيَ الْيَوْمَ، إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ
بَصَركَ) بعد أن كنت أعمى (شَاةً، أتبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي) إلى مقصدي، (فَقَالَ)
الأعمى اعترافاً، وتحدّثاً بنعمة الله: (قَدْ كُنْتُ أَعْمَى، فَرَدَّ اللهُ إِليَّ بَصَرِي، فَخُذْ
ما شئتَ) من غنمي، (وَدَع ما شِئْتَ، فَوَاللهِ لَا أَجْهَدُكَ) بفتح الهمزة، والهاء،
وُيروى بضم الهمزة، وكسر الهاء؛ أي: لا أستفرغ طاقتي (الْيَوْمَ شَيْئاً)؛ أي:
برّد شيء (أَخَذْتَهُ لله)؛ أي: طلباً لوجه الله تعالى ومرضاته.
وقال النوويّ: قوله: "لا أجهدك اليوم" هكذا هو في رواية الجمهور:
"أجهدك" بالجيم، والهاء، وفي رواية ابن ماهان: "أحمدك" بالحاء والميم،
ووقع في البخاريّ بالوجهين، لكن الأشهر في مسلم بالجيم، وفي البخاريّ
بالحاء، ومعنى الجيم: لا أشق عليك بردّ شيء، تأخذه، أو تطلبه من مالي،
والجهد: المشقة، ومعناه بالحاء: لا أحمدك بترك شيء، تحتاج إليه، أو
تريده، فتكون لفظة الترك محذوفة مرادة، كما قال الشاعر:
لَيْسَ عَلَى طَولِ الْحَيَاةِ نَدَمْ
أي: فوات طول الحياة (?).
(فَقَالَ) الملك: (أَمْسِكْ) عليك (مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ) بالبناء للمفعول؛
أي: اختُبرتم أيها الثلاثة: الأبرص، والأقرع، والأعمى؛ يعني: أنَّ الله - عز وجل -
اختبركم هل تقومون لأداء شكره، أو تكفرون بنعمه، وتجحدون آلاءه، (فَقَدْ
رُضِي) بالبناء للمفعول، (عَنْكَ) أيها الأعمى القائم بأداء شُكر ما أولاك الله