وضاقت عليه نفسه، ولهذا المعنى أخبر الله تعالى عن جماعة من الصحابة
حيث تخلَّفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض الغزوات، فقال تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} الآية [التوبة: 118] (?).
[فائدة]: ذكروا أن الحافظ ابن حجر رحمه الله لما كان قاضي القضاة مَرّ يومًا
بالسوق في موكب عظيم، وهيئة جميلة، فهجم عليه يهوديّ يبيع الزيت الحارّ،
وأثوابه ملطخة بالزيت، وهو في غاية الرثاثة والشناعة، فقبض على لجام بغلته،
وقال: يا شيخ الإسلام تزعم أن نبيكم قال: "الدنيا سجن المؤمن، وجنة
الكافر" فأيّ سجن أنت فيه، وأي جنة أنا فيها؟ فقال: أنا بالنسبة لما أَعد الله
لي في الآخرة من النعيم، كأني الآن في السجن، وأنت بالنسبة لما أُعد لك
في الآخرة من العذاب الأليم، كأنك في جنة، فأسلم اليهوديّ، ذكره
المناويّ رحمه الله (?).
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 7387] (2956)، و (الترمذيّ) في "الزهد"
(2324)، و (ابن ماجه) في "الزهد" (4113)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 323
و389 و 485) وفي "الزهد" (ص 37)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (687)،
و(أبو نعيم) في "الحلية" (6/ 355)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (11/ 352
و454)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (4154 و 4155)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7388] (2957) - (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
- يَعني: ابْنَ بِلَالٍ - عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، ً أَنَّ رَسُولَ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-
مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ (?)، فَمَرَّ بِجَدْىٍ أَسَكَّ، مَيِّتٍ،