طريق قيس بن وهب، عن أنس، وقال فيه: مَرّ سعد الدوسيّ، قال: ورواه
قرة بن خالد، عن الحسن، فقال فيه: فقال لشابّ من دوس، يقال له: سعد.
قال الحافظ: فيَحْتَمِل التعدد، أو كان اسم الغلام سعدًا، وُيدعَى محمدًا،
أو بالعكس، ودوس من أزد شنوءة، فيَحتمل أن يكون حالف الأنصار. انتهى (?).
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: "إِنْ يَعِشْ هَذَا الْغُلَامُ، فَعَسَى أَنْ لَا يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ)
قال في "الفتح": كذا في الطرق كلها بإسناد الإدراك للهرم، ولو أسند للغلام
لكان سائغًا، ولكن أشير بالأول إلى أن الأجل كالقاصد للشخص.
وقم له: (حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ") وقع في رواية الباوردي بدل قوله: "حتى تقوم
السماعة": "لا يبقى منكم عين تطرف" وبهذا يتضح المراد، وله في أخرى: "ما من
نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة"، وهذا نظير قوله -صلى الله عليه وسلم-لأصحابه في آخر عمره:
"أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض
ممن هو اليوم عليها أحد". وكان جماعة من أهل ذلك العصر يظنون أن المراد أن
الدنيا تنقضى بعد مائة سنة، فلذلك قال الصحابيّ: فَوَهَل الناسُ فيما يتحدثون من
مائة سنة، ونما أراد -صلى الله عليه وسلم- بذلك انخرام قرنه، أشار إلى ذلك عياض مختصرًا.
قال الحافظ: ووقع فىِ الخارج كذلك: "فلم يبق ممن كان موجودًا عند
مقالته تللت عند استكمال مائة سنة من سنة موته أحد". وكان آخر من رأى النبيّ
موتًا أبو الطفيل عامر بن واثلة، كما ثبت في "صحيح مسلم".
وفي الإسماعيليّ بعد أن قرر أن المراد بالساعة ساعة الذين كانوا
حاضرين عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأن المراد موتهم، وأنه أُطلق على يوم موتهم اسم
الساعة؛ لإفضائه بهم إلى أمور الآخرة: ويؤيد ذلك أن الله استأثر بعلم وقت
قيام الساعة العظمى، كما دلت عليه الآيات والأحاديث الكثيرة، قال: وَيحْتَمِل
أن يكون المراد بقوله: "حتى تقوم الساعة" المبالغة في تقريب قيام الساعة،
لا التحديد، كما قال في الحديث الخر: "بُعثت أنا والساعة كهاتين"، ولم
يرِدْ أنها تقوم عند بلوغ المذكور الهَرِم، قال: وهذا عمل شائع للعرب،
يُستعمل للمبالغة عند تفخيم الأمر، وعند تحقيره، وعند تقريب الشيء، وعند
تبعيده، فيكون حاصل المعنى: أن الساعة تقوم قريبًا جدًّا، وبهذا الاحتمال