فيها، فإن، السور التي ابتدئت بذلك تسع وعشرون سورة، وعدد حروف الجميع

ثمانية وسبعون حرفًا، وهي: الم ستة، حم ستة، الر خمسة، طسم اثنتان،

المص، المر، كهيعص، حمعسق، طه، طس، يس، ص، ق، ن، فإذا حُذف

ما كرر من السور، وهي خمس من الم، وخمس من حم، وأربع من الر،

وواحدة من طسم، بقي أربع عشرة سورة عدد حروفها ثمانية وثلاثون حرفًا،

فإذا حُسب عددها بالجمّل المغربي بلغت ألفين وستمائة وأربعة وعشرين، وأما

بالجمل المشرقي، فتبلغ ألفًا وسبعمائة وأربعة وخمسين، قال: ولم أذكر ذلك

ليُعتمَد عليه، إلا لأبيّن أن الذي جنح إليه السهيليّ لا ينبغي الاعتماد عليه؛

لشدة التخالف فيه.

وفي الجملة فأقوى ما يعتمَد في ذلك عليه حديث ابن عمر الذي أشرت

إليه قبلُ، وقد أخرج معمر في "الجامع" عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد قال

معمر: وبلغني عن عكرمة في قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}

[المعارج: 4] قال: الدنيا من أولها إلى آخرها يوم مقداره خمسون ألف سنة، لا

يَدري كم مضى، ولا كم بقي إلا الله تعالى.

وقد حمل بعض شراح "المصابيح" حديث: "لن تعجز هذه الأمة أن

يؤخرها نصف يوم" على حال يوم القيامة، وزيّفه الطيبيّ، فأصاب، وأما

زيادة جعفر فهي موضوعة؛ لأنها لا تُعرف إلا من جهته، وهو مشهور

بوضع اوحديث، وقد كذبه الأئمة، مع أنه لم يسق سنده بذلك، فالعجب

من السهيليّ كيف سكت عنه، مع معرفته بحاله، والله المستعان. انتهى كلام

الحافظ -رحمه الله- (?).

قمال الجامع عفا الله عنه: هذا كله من فضول الكلام، وإنما سقته؛ ليُعلم

ما قيل، وليعتبر من قرأه أن هؤلاء العلماء مع جلالتهم أحيانًا يخوضون فيما

لا يعنيهم، ولا كلّفهم الله بمعرفته، والواجب على العاقل الحريص على وقته

أن يعرضرا عنه إعراضًا كلّيًّا، ولا يشغل وقته الثمين بمثله؛ إذ لا يعتمد على نقل

صحيح، ولا على عقل صريح، بل هو أشبه بالهذيانات، والله تعالى المستعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015