الوسطى تزيد على المسبِّحة بقليل، فكأنه ما بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين الساعة في القلة قَدْر

زيادة الوله مطى على المسبِّحة (?).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بُعثت أنا والساعة كهاتين": قيّدناه

بالفتح، والضم، فأما الفتح؛ فهو على المفعول معه، والرفع على أنه معطوف

على التاء في "بُعثت"، وفصل بينهما بـ "أنا" توكيدًا للضمير؛ على ما هو

الأحسن "عند النحويين، وقد اختار بعضهم النصب بناءً على أن التشبيه وقع

بملاصقة الإصبعين، واتصالهما، واختار اخرون الرفع بناءً على أن التشبيه وقع

بالتفاوت الذي بين رؤوسهما، ويعني أن ما بين زمان النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقيام الساعة

قريب؛ كقرب السَّبابة من الوسطى، وهذا أوقع، والله أعلم.

وقال القرطبيّ أيضًا: وروايته: "أنا والساعة" بالضم، والفتح، فالضم

على العطف، والفتح على المفعول معه، والعامل: "بعثت"، و"كهاتين": حال؛

أي: مقترنين، فعلى النصب يقع التشبيه بالضم، وعلى الرفع يَحْتَمِل هذا،

وَيحْتَمِل أن يقع بالتفاوت الذي بين السبابة والوسطى، فتأمّله، ويدل عليه قول

قتادة في بعض رواياته: "كفضل إحداهما على الأخرى".

وحاصله: تقريب أمر الساعة التي هي القيامة، وسرعة مجيئها، وهذا كما

قال: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18] قال الحسن: أشراطها: محمد - صلى الله عليه وسلم - (?).

وقال في "الفتح": قال أبو البقاء العكبريّ في إعراب "المسند": "الساعة"

بالنصب، والواو فيه بمعنى "مع"، قال: ولو قرئ بالرفع لفسد المعنى؛ لأنه لا

يقال: بُعِثت الساعةُ، ولا هو في موضع المرفوع؛ لأنها لم توجد بعدُ، وأجاز

غيره الوجهين، بل جزم عياض بأن الرفع أحسن، وهو عطف على ضمير

المجهول في "بُعثت"، قال: ويجوز النصب، وذكر نحو توجيه أبي البقاء،

وزاد: وط صى ضمير يدل عليه الحال، نحو: فانتظروا، كما قُدِّر في نحو: جاء

البرد والطيالسةَ، فاستعدوا، قال الحافظ: والجواب عن الذي اعتَلَّ به أبو البقاء

أوّلًا أن يضمّن "بُعثت" معنًى يَجمع إرسال الرسول، ومجيء الساعة، نحو:

جئت، وكن الثاني بأنها نُزِّلت منزلة الموجود؛ مبالغةً في تحقق مجيئها،

ويرجح النصب ما وقع في تفسير "سورة والنازعات" من هذا "الصحيح" - يعني:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015