بعثه وجنوده، وكأنه استبعد إمكان دخول الدجال جميع البلاد؛ لِقِصَر مدته، وغفل
عما اثبت في "صحيح مسلم" أن بعض أيامه يكون قَدْر السنة، قاله في "الفتح" (?).
واشتقاق الدجال من الدجل، وهو الكذب، والخلط، وهو كذّاب،
خلّاط، وُيجمع الدجال على دجالين، ودجاجلة في التكسير، وقيل: هو مأخوذ
من الدجل، وهو طلي البعير بالقطران؛ سمي بذلك؛ لأنه يغطي الحقّ بسحره،
وكذبه، كما يغطي الرجل جرب بعيره بالدجالة، وهو القطران، وقيل: سُمي
به؛ الضربه نواحي الأرض، وقطعه لها، يقال: دَجَل الرجل إذا فعل ذلك،
وقي بل: هو من ااورجل بمعنى التغطية، وقال ابن دريد: كلُّ شيء غطيته، فقد
دجلته، ومنه سميت دجلة؛ لانتشارها على الأرض، وتغطيتها ما فاضت عليه،
وقيل: معناه: المموِّه، قاله ثعلب، ذكره في "العمدة" (?).
(إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ) بالنصب على الاستثناء، يعني لا يطؤهما الدجال،
وذكر الطبريّ من حديث عبد الله بن عمرو: "إلا الكعبة، وبيت المقدس"، وزاد
أبو جعفر الطحاويّ: "ومسجد الطور"، ورواه من حديث جُنادة بن أبي أمية،
عز! بعض أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي بعض الروايات: "فلا يبقى له موضع إلا
ويأخذه، غير مكة، والمدينة، وبيت المقدس، وجبل الطور، فإن الملائكة
تطرده عن هذه المواضع"، ذكره في "العمدة" (?).
(وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ أَنْقَابِهَا)؛ أي: أنقاب كلّ واحدة منهما، والأنقاب:
جمع نَقب، بفة نح النون، وهو جمع قلة، وجمع الكثرة: نقاب، وقال ابن
وهب: الأنقاب مداخل المدينة، وقيل: هي أبوابها، وفوهات طرقها التي
يدخل إليها منها، وقال الداوديّ: هي الطرق التي يسلكها الناس، ومنه
قو -عز وجل-: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ} [ق: 36]، وقال أبو المعاني: النقب: الطريق في
الب شبل، وكذلك النقب، والمنقب، والمنقبة، عن يعقوب، وقال ابن سيده:
النقب والنقب في أيّ شيء كان، نقبه ينقبه نقبًا، وعن القزاز: ويقال أيضًا:
نقب بكسر النون، وضَبْط ابن فارس بالسكون يقتضي أن لا يكون جمعه أنقابًا،