نزوله، كما أن ما قبله بيان لكيفية لبسه وجماله، ثم بيّن له حالة أخرى بقوله:
(إِذَا طَأْطَأَ) بهمزتين؛ أي: خفص (رَأْسَهُ قَطَرَ)؛ أي: عَرِقَ، (وَإِذَا رَفَعَهُ)؛ أي:
رأسه، (تَحَدَّرَ) بتشديد الدال؛ أي: نزل (مِنْهُ)؛ أي: شعر رأسه، (جُمَانٌ)؛
أي: قطرات مثل الجمان، بضم الجيم، وتخفيف الميم، وتُشدّد: حَبّ يُتخذ
من الفضة، وقال النوويّ: الجمان بضم الجيم، وتخفيف الميم: هي حبات من
الفضة، تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار، والمراد: يتحدر منه الماء على هيئة
اللولؤ في صفائه، فسمّي الماء جماناً؛ لِشَبَهه به في الصفاء. انتهى.
(كَاللُّؤْلُؤِ)؛ أي: في الصفاء والبياض، ففي "النهاية": الجمان بضم
الجيم، وتخفيف الميم: يتخذ من الفضة على هيئة اللآلئ الكبار، قال
الطيبيّ - رحمه الله -: شبّهه بالجمان في الكِبَر، ثم شبّه الجمان باللؤلؤ في الصفاء
والحسن، فالوجه أن يكون الوجه الكِبَر مع الصفاء والحسن.
وفي "القاموس": الجمان كغراب: اللؤلؤ، أو هنوات أشكال اللؤلؤ،
وقيل: الجمان بتشديد الميم: اللؤلؤ الصغار، وبتخفيفها: حَب يُتخذ من
الفضة، وقيل: المراد بالجمان في صفة عيسى - عليه السلام -: هو الحَب المتخذ من
الفضة.
وقال القرطبيّ: قوله: "إذا طأطأ رأسه قطر"؛ أي: إذا خفض رأسه سال
منه ماء، يعني به العرق، وهذا نحو مما قال في الحديث الذي تقدّم: "يقطر
رأسه ماء، كأنما خرج من ديماس"؛ يعني: الحمّام.
وقوله: "إذا رفعه تحدّر منه جمانٌ كاللؤلؤ": الجمان: ما استدار من
اللؤلؤ، والدرّ، وششعار لكل ما استدار من الحلي، قاله أبو الفرج ابن
الجوزيّ، شبّه قطرات العرق بمستدير الجوهر، وهو تشبيه واقع (?).
(فَلَا يَحِلُّ) بكسر الحاء؛ أي: لا يمكن (لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ) بفتح
الفاء، (إِلَّا مَاتَ) قال النوويّ: هكذا الرواية: "فلا يحل" بكسر الحاء، "نفسه"
بفتح الفاء، ومعنى لا يحل: لا يمكن، ولا يقع، وقال القاضي: معناه عندي
حقّ وواجب، قال: ورواه بعضهم بضم الحاء وهو وهم وغلط. قال