الفرعوني، فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس وكره الذي رأي،
فغضب موسي، فمدّ يده وهو يريد أن يبطش بالفرعوني، قال للإسرائيلي لِهَ،
فعل بالأمس واليوم: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) فنظر الإسرائيلي موسى بعدما قال،
فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الذي قتل فيه الفرعوني، فخاف أن يكون
بعدما قال له: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) أن يكون إياه أراد، ولم يكنْ أراده، وإنما
أراد الفرعوني، فخاف الإسرائيلي، فحاجَز الفرعوني فقال: (يَا مُوسَى أَتُرِيدُ
أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ) وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد
مواسى ليقتله، فتتاركا؛ فانطلق الفرعوني إلى قومه، فأخبرهم بما سمع من
الإسرائيلي من الخبر حين يقول: أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس؟
فأرسل فرعون الذباحين، فسلك موسى الطريق الأعظم، فطلبوه وهم لا
يخافون أن يفوتهم. وجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة، فاختصر
طريقًا قريبًا حتى سبقهم إلى موسي، فأخبره الخبر، وذلك من الفتون يا ابن
جُبير.
وعن مجاهد، قوله: {فُتُونًا} قال: بلاءً، إلقاؤه في التابوت، ثم في
البحر، ثم التقاط آل فرعون إياه، ثم خروجه خائفًا. انتهى كلام ابن
جرير - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقوله: (قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ) شيخه الثالث في السند (فِي رِوَايَتِهِ) لهذا
الحديث (عَنْ سَالِمٍ)؛ أي: رواه بـ "عن"، و (لَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ) كما شيخاه:
عبد الله بن عمر بن أبان، وواصل بن عبد الأعلي، فإنهما صرّحا
بالسماع.
والحديث متّفقٌ عليه، دون قصّة سالم، وقد مضى تخريجه، ولله تعالى
الحمد والمنّة.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.