............................ وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيْرٌ مُنْجَلِي

فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ ... بِفِعْلٍ اوْ وَصفٍ كَـ "مَنْ نَرْجُو يَهِبْ"

أي: الذي قتله (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ خَطَأً) نعت لمصدر محذوف؛ أي:

قتلًا خطأً، (فَقَالَ اللهُ - عَزَّوَجَلَّ - لَهُ)؛ أي: لموسى {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}).

غرض سالم - رَحِمَهُ اللهُ - بذكر قصّة موسى - عَلَيْهِ السَّلَامْ - أنه إنما قتل القبطيّ خطأ، ولم

يتعمّد قتله، ولكنه أصابه الغمّ من أجل ذلك، كما ذكره الله - عَزَّوَجَلَّ - في الآية

المذكورة، وأنتم تقتلون المسلمين قصدًا وعمدًا، ومع ذلك لا تغتمون على هذه

المقاتلة، ولا تمتنعون منها.

وإنما ذكر سالم هذه الآية الكريمة استدلالًا على أنَّ موسى - عَلَيْهِ السَّلَامْ - كان

أصابه الغمّ من أجل قَتْله القبطيّ، مع أنه قتله خطأ، فكيف أنتم تقتلون

المسلمين عمدًا، ولا تبالون، وهذا ارتكابكم الكبائر، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال إمام المفسّرين ابن جرير الطبريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "تفسيره"؛ وقوله

تعالى: {وَقَتَلْتَ نَفْسًا}؛ يعني جلّ ثناؤه بذلك: قَتْله القبطي الذي قتله حين

استغاثه عليه الإسرائيلي، فوكزه موسى.

وقوله: {فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ} يقول تعالى ذِكره: فنجّيناك من غمك بقتلك

النفس التي قتلت، إذ أرادوا أن يقتلوك بها فخلصناك منهم، حتى هربت إلى

أهل مَدْين، فلم يصلوا إلى قتلك وقَوْدك.

وكان قَتْله إياه فيما ذُكر خطأ، ثم أورد حديث سالم المذكور هنا.

قال: واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} فقال بعضهم:

ابتليناك ابتلاء واختبرناك اختبارًا.

ثم أخرج الطبريّ عن سعيد بن جبير، قال: سألت عبد الله بن

عباس - رضي الله عنهما -، عن قول الله لموسى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} فسألته على الفتون ما هي؟

فقال لي: استأنف النهار يا ابن جبير، فإن لها حديثًا طويلًا قال: فلما أصبحت

غدوت على ابن عباس لأنتجز منه ما وعدني، قال: فقال ابن عباس: تذاكر

فرعون وجلساؤه ما وعد الله إبراهيم أن يجعل في ذرّيته أنبياء وملوكًا، فقال

بعضهم: إن بني إسرائيل ينتظرون ذلك وما يشكّون، ولقد كانوا يظنون أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015