لاتحاد كيفيّة الأخذ، والأداء منه ومنهم، وأنه مسلسل بالكوفيين إلى والد ابن

فضيل، والباقيان مدنيّان، وفيه سالم أحد الفقهاء السبعة على بعض الأقوال،

وفيه ابن عمر - رضي الله عنهما -، وتقدّم القول فيه قريبًا.

شرح الحديث:

عن فُضيل بن غزوان؛ أنه (قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ:

يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا أَسْأَلكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ) "ما أسالكم"،

و"أركبكم" صيغتان للتعجّب، والمراد أنكم تكثرون السؤال عن الأشياء

الصغيرة، مما يدلّ على الورع حتى عن الصغائر، ولكنكم تكثرون ارتكاب

الكبائر، وهي إثارة الفتن، والتفريق بين المسلمين، والخروج على الأئمة،

وكان ذلك كلّه معروفًا من أهل العراق (?).

ونظير قول سالم هذا ما وقع لأبيه ابن عمر - رضي الله عنهما -، فقد أخرج البخاريّ في

"صحيحه"، عن ابن أبي نُعْم، قال: كنت شاهدًا لابن عمر، وسأله رجل عن

دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل العراق، قال: انظروا إلى هذا،

يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسمعت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"هما ريحانتاي من الدنيا" (?).

قال سالم: (سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (يَقُولُ: سَمِعْتُ

رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَا هُنَا - وَأَوْمَأَ)؛ أي: أشار النبيّ

(بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِق) وهذا يدلّ على أنَّ سالمًا: يَحْمل جهة المشرق في حديث

الباب على العراق، وهو راوي الحديث، فيكون أقرب إلى الصواب، والله

تعالى أعلم.

(مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا) بالتثنية، (الشَّيْطَانِ") تقدّم شرحه. (وَأَنْتُمْ) معاشر

أهل العراق (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضِ)؛ أي: تتقاتلون ظلمًا، ولا تبالون

بذلك، وطذا مناف لسؤالكم عن الصغيرة، (وَإِنَّمَا قَتَلَ مُوسَى) - عَلَيْهِ السَّلَامْ - (الَّذِي قَتَلَ)

بحذف العائد، وهو كثير في الكلام، كما قال في "الخلاصة":

طور بواسطة نورين ميديا © 2015