ومعاوية -رضي الله عنهما- لمّا تحاربا بصِفِّين (?). (عَظِيمَتَانِ)؛ أي: لأنهما خلاصة الأمة،

وأهل القرون المفضّلة، (وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ) "المقتلة" بفتح الميم،

مصدر ميميّ؛ أي: قتلٌ عظيمٌ، فإن كان المراد من الفئتين فئة عليّ وفئة

معاوية -رضي الله عنهما-، كما زعموا فقد قُتل بينهما، وحَكَى ابن الجوزي في "المنتظم" عن

أبي، الحسن البراء قال: قُتل بصِفّين سبعون ألفًا، خمسة وعشرون ألفًا من أهل

العراق، وخمسة وأربعون ألفًا من أهل الشام، فمن أصحاب أمير المؤمنين عليّ

ش مسة وعشرون بدريًّا، وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام، وكانت فيه

تسعون وقعةً، وحُكي عن ابن سيف أنه قال: أقاموا بصفين تسعة، أو سبعة

أشهر، وكان القتال بينهم سبعين زحفًا، قال: وقال الزهريّ: بلغني أنه كان

يُدفن في القبر الواحد خمسون رجلًا، ذكره في "العمدة" (?).

(وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ")؛ أي: دينهما واحدٌ؛ لأن كلًّا منهما كان يتسمى

بالإسلام، أو المراد: أن كلًّا منهما كالن يَدّعِي أنه المحقّ، وذلك أن عليًّا -رضي الله عنه-

كان إذ ذاك إمام المسلمين، وأفضلهم يومئذ باتفاق أهل السُّنَّة، ولأن أهل

الحلّ والعقد بايعوه بعد قتل عثمان -رضي الله عنه-، وتخلف عن بيعته أهل الشام.

وقال الكرمانيّ: "دعواهما واحدة"؛ أي: يدعي كل منهما أنه على

الى حق، وخصمه مبطل، ولا بدّ أن يكون أحدهما مصيبًا، والآخر مخطئًا، كما

كان بين عليّ ومعاويّة -رضي الله عنهما-، وكان عليّ -رضي الله عنه- هو المصيبَ، ومخالفه مخطئ

مص لى ور في الخطأ؛ لأنه بالاجتهاد، والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه، وقال -صلى الله عليه وسلم-:

"إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر". انتهى. قال في "العمدة": وفيه

نظر، وهو موضع التأمل، بل الأحسن السكوت عن ذلك. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قوله: "فئتان" بكسر الفاء، بعدها همزة مفتوحة: تثنية

فئة؛ أي: جماعة، ووصفهما في الرواية الأخرى بالعِظَم؛ أي: بالكثرة،

والمراد بهما: من كان مع عليّ ومعاوية لمّا تحاربا بصفين.

وقوله: "دعواهما واحدة"؛ أي: دينهما واحد؛ لأن كلًّا منهما كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015