وكذا الشك في المائة؛ لأن صفاتها عند أهل المعرفة بعقد الحساب مختلفة،
وإن اتفقت في أنها تُشبه الحلقة، فعَقْد العشرة أن يجعل طرف السبابة اليمنى
في باطن طي عقدة الإبهام العليا، وعقد التسعين أن يجعل طرف السبابة اليمنى
في أصلها، ويضمها ضمًّا محكمًا، بحيث تنطوي عقدتاها، حتى تصير مثل
الحية المطوّقة.
ونقل ابن التين عن الداوديّ أن صورته أن يجعل السبابة في وسط
الإبهام، وردّه ابن التين بما تقدم، فإنه المعروف، وعقد المائة مثل عقد
التسعين، لكن بالخنصر اليسرى، فعلى هذا فالتسعون والمائة متقاربان، ولذلك
وقع فيهما الشك، وأما العشرة فمغايرة لهما.
قال القاضي عياض: لعل حديث أبي هريرة متقدم، فزاد الفتحُ بعده القدر
المذكور في حديث زينب.
قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأنه لو كان الوصف المذكور من أصل الرواية
لاتّجه، ولكن الاختلاف فيه من الرواة عن سفيان بن عيينة، ورواية من روى
عنه اتسعين، أو مائة، أتقن، وأكثر من رواية من روى عشرة، وإذا اتّحد مخرج
الحديث، ولا سيما في أواخر الإسناد بَعُد الحمل على التعدد جدًّا. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: مما سبق يتبيّن أن الترجيح هو الأَولى من
الجمع بالتعدّد، فتقدّم رواية: "عقد تسعين"؛ لكثرة من رواها، فتنبّه، والله
تعالى أعلم.
(قُلْتُ: ) وفي رواية البخاريّ: "قالت زينب بنت جحش"، وهذا يخصص
رواية سليمان بن كثير بلفظ: "قالوا: أنهلك"، ويعيّن أن اللافظ بهذا السؤال
هي زينب بنت جحش راوية الحديث. (يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ) بكسر اللام، على
اللغة الفصيحة المشهورة، وحُكِي فتحها، وهو ضعيف، أو فاسد، قاله
النوويّ (?).
وقال المجد رحمه الله: "هلك" كضرب، ومنع، وعَلِمَ هُلْكًا بالضمّ، وهَلاكًا،
وتُهْلُوكًا، وهُلُوكًا بضمّهما، ومهلكةً، وتهلكةً مثلّثي اللام: مات. انتهى.