في "مسنده" (4/ 282 و 291)، و (الرويانيّ) في "مسنده" (1/ 268)، و (ابن

منده) في "الإيمان" (2/ 962)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): إثبات عذاب القبر، ووجه ذلك أن الحديث كما تقدم فيه

اختصار، وقد تقدم من طريق زاذان، عن البراء مطوّلًا، وفيه تعذيب الكافر عند

عدم إجابته عن سؤال الملَكين، ففيه إثبات عذاب القبر، أو من إطلاق السبب

على، المسبَّب، فإن في رواية النسائيّ إثبات سؤال الملكين، وهو سبب لثبوت

العذاب، لكن في بعض المسؤولين دون بعض، والله تعالى أعلم.

2 - (ومنها): بيان سبب نزول هذه الآية الكريمة.

3 - (ومنها): إثبات سؤال الملكين لكلّ مقبور.

4 - (ومنها): رأفة الله تعالى بعباده المؤمنين، حيث يُثَبِّتُهُم عند سؤال

الملكين، مع أن جنسهم غير جنس بني آدم، ومع انفراد كلّ مسؤول عمن

يستأنس به في مثل ذلك الموقف، وهذا فضل عظيم، ولطف جسيم من الله

تعالى لعباده المؤمنين.

5 - (ومنها): أنه يستفاد منه أهمية التوحيد، حيث إنه هو المسؤول عنه

في أول منزل من منازل الآخرة، فينبغي للعبد أن يخلص في توحيده، ولا

يدنسه بالمعاصي، ولا سيما المعاصي التي تؤدي إلى الشرك، وإن كان خفيًا.

نسأل الله تعالى أن يحيينا على التوحيد، وأن يميتنا عليه، ويبعثنا عليه، إنه

بعباده لرؤوف رحيم آمين.

(المسألة الرابعة): في أقوال أهل العلم في عذاب القبر:

قال الحافظ وليّ الدين -رحمه الله- ما حاصله: إثبات عذاب القبر مذهب أهل

السُّنَّة، وقد تظاهرت عليه أدلّة الكتاب والسَّنَّة، ولا يمتنع في العقل أن يعيد الله

تعالى الحياة في جزء من الجسد، ويعذّبه، وإذا لم يمنعه العقل، وورد به

الشرع وجب قبوله، وقد خالف في ذلك الخوارج، ومعظم المعتزلة، وبعض

المرجئة، ونفوا ذلك.

ثم المعذَّب عند أهل السنة الجسد بعينه، أو بعضه، بعد إعادة الروح

إليه، أو إلى جزء منه، وخالف محمد بن جرير الطبريّ، وعبد الله بن كرام،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015