سرّهم بالسؤال، وليميّز الله الخبيث من الطيب، ويُثَبّت الله الذين آمنوا،

ويُضلّ الله الظالمين. انتهى.

قال الحافظ -رحمه الله-: ويؤيّده حديث زيد بن ثابت، عند مسلم في هذا الباب

مرفوعًا: "إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها ... " الحديث. ومثله عند أحمد، عن

أبي، سعيد، في أثناء حديث. ويؤيّده أيضًا قول الملَكين: "ما تقول في هذا

الرجل محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ". وحديث عائشة عند أحمد أيضًا، بلفظ: "وأما فتنة القبر

فبي تُفتتنون، وعنّي تسألون".

وجنح ابن القيّم إلى الثاني، وقال: وليس في الأحاديث ما ينفي المسألة

عمن تقدّم من الأمم، وإنما أخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمته بكيفية امتحانهم في القبور، لا

أنه نفى ذلك عن غيرهم، قال: والذي يظهر أن كلّ نبيّ مع أمته كذلك، فتعذّب

كفارهم في قبورهم، بعد سؤالهم، وإقامة الحجة عليهم، كما يُعذّبون في.

الآخرة بعد السؤال، وإقامة الحجة. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القول الأوّل أرجح؛ لظواهر

الأحاديث، وأَمَّا إثباته للأمم السابقة، فيحتاج إلى دليل خاصّ، وأما ثبوت

العذاب لهم في القبر، وما بعده، فهذا مما لا يُنكَر، للنصوص الدالة عليه،

كقوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 46]، لكن لا يلزم منه أن يكون هناك سؤال

على الكيفية التي ثبتت لهذه الأمة، كما تقدم بيانه، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[7189] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعِ،

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَال

رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، إِذَا

انْصرَفُوا").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ) أبو عبد الله، أو أبو جعفر البصريّ

التميميّ، ثقة حافظٌ [10] (ت 231) (خ م د س) تقدم في "الإيمان" 60/ 336.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015