وبمعنى التقصير، وبمعنى الاستطاعة، وحكى ابن قتيبة عن يونس بن حبيب أن
صواب الزواية: لا دريت، ولا أَتْليت، بزيادة ألف، وتسكين المثناة، كأنه
يدعو عليه بأن لا يكون له من يتبعه، وهو من الإتلاء، يقال: ما أَتْلت إبله؛
أي: لم تلد أولادًا يتبعونها، وقال: قول الأصمعيّ أشبه بالمعنى؛ أي: لا
دريت، ولا استطعت أن تدري.
ووقع عند أحمد من حديث أبي سعيد: "لا دريت، ولا اهتديت"، وفي
مرسل عبيد بن عمير، عند عبد الرزاق: "لا دريت، ولا أفلحت".
قوله: "بمطارق من حديد ضربة" تقدم في باب خفق النعال بلفظ:
"بمطرقة" على الإفراد، وكذا هو في معظم الأحاديث، قال الكرمانيّ: الجمع
مُؤذِن بأن كل جزء من أجزاء تلك المطرقة مطرقة برأسها مبالغةً. انتهى.
وفي حديث البراء: "لو ضُرب بها جبل لصار ترابًا"، وفي حديث أسماء:
"ويسلَّط عليه دابة في قبره معها سوط، ثمرته جمرة، مثل غرب البعير، تضربه
ما شاء الله، صمّاء، لا تسمع صوته، فترحمه"، وزاد في أحاديث أبي سعيد،
وأبي هريرة، وعائشة التي أشرنا إليها: "ثم يُفتح له باب إلى الجنة، فيقال له:
هذا منزلك، لو آمنت بربك، فأما إذ كفرت، فإن الله أبدلك هذا، ويُفتح له باب
إلى النار"، زاد في حديث أبي هريرة: "فيزداد حسرةً وثبورًا، ويضيق عليه
قبره، حتى تختلف أضلاعه"، وفي حديث البراء: "فينادي مناد من السماء:
أفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار، فيأتيه من حَرّها
وسمومها".
قوله: "من يليه" قال المهلب: المراد: الملائكة الذين يلون فتنته، كذا
قال، ولا وجه لتخصيصه بالملائكة، فقد ثبت أن البهائم تسمعه، وفي حديث
البراء: "يسمعه مَن بين المشرق والمغرب"، وفي حديث أبي سعيد عند أحمد:
"يسمعه خلق الله كلهم غير الثَّقلين"، وهذا يدخل فيه الحيوان، والجماد، لكن
يمكن أن يُخَصّ منه الجماد، ويؤيده أن في حديث أبي هريرة، عند البزار:
"يسمعه كل دابة إلا الثقلين"، والمراد بالثقلين: الإنس والجن، قيل لهم ذلك"
لأنهم كالثِّقَل على وجه الأرض.
قال المهلب: الحكمة في أن الله يُسمع الجن قول الميت: "قدّموني"،