صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابًا في الجنة، وألبسوه من
الجنة، قال: فيأتيه من رَوْحها، وطيبها، ويُفسح له فيها مدّ بصره". زاد ابن
حبان من وجه آخر، عن أبيِ هريرة: "فيزداد غِبْطةً وسرورًا، فيعاد الجلد إلى ما
بدأ منه، وتُجعل روحه في نسَم طائر يَعْلُقُ في شجر الجنّة". وعند النسائيّ من
حديث كعب بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما نسمة المؤمن طائر في
شجر الجنة، حتى يبعثه الله -عز وجل- إلى جسده يوم القيامة". وفي "صحيح مسلم"
من حديث، ابن مسعود - رضي الله عنه -: "أرواح الشهداء في جوف طير خُضْر، لها قناديل
معلّقة بالعرش، تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل ... "
الحديث، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسأله الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
[تنبيه]: تكلّم الحافظ رشيد الدين ابن العطّار في قول قتادة المذكور،
فقال في "غرره":
أورده مسلم في أواخر الكتاب من حديث شيبان بن عبد الرحمن، عن
قتادة، عن أنس قال: قال نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا وُضع في قبره، وتولى
عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم ... " الحديث، وفي آخره: "قال قتادة:
وذُكر لنا أنه يُفسح له في قبره سبعون ذراعًا، ويُملأ عليه خَضِرًا إلى يوم
يبعثون".
قال العطّار: وهذا حديث انفرد به مسلم من هذا الوجه دون البخاريّ،
وأخرجه النسائي في "سننه" من هذا الوجه، ولم يذكر هذه الزيادة، وقد أخرج
البخاريّ هذا الحديث من وجه آخر، عن قتادة، عن أنس، فذكره أَتَمَّ من
حديث شيبان، عن قتادة، ولم يذكر فيه هذه الزيادة كلها، غير أنه قال فيه:
"قال قتادة: وذُكر لنا أنه يُفسح له في قبره" فقط، وأخرجه مسلم أيضًا من
حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، مختصرًا، ولم يذكر فيه هذه
الزيادة أيضًا، والله -عز وجل- أعلم، ولا أعلم الآن من أسندها، وإنما أوردها مسلم
جريًا على اعادته في ترك الاختصار من الحديث، وإيراده إياه كاملًا كما سمعه،