وقوله: (مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) يَحْتمل أن تكون "من" للتبعيض؛ أي: بعض
عذابه، ويَحْتَمل أن تكون زائدة على مذهب من يرى زيادتها في الإثبات، وهو
الأخفش، وجعل منه قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: 31].
[تنبيه]: هذا الحديث اختصره المصنّف هنا، وقد ساقه النسائيّ -رحمه الله- في
"الكبرى" وفيه قصّة، فقال:
(2185) -أنبأ سويد بن نصر، عن عبد الله، عن حميد، عن أنس، أن
النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سمع صوتًا من قبر، فقال: "متى مات هذا؟ " قالوا: مات في
الجاهلية، فسُرّ بذلك، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم
عذاب القبر". انتهى (?).
وفي رواية لأحمد: عن أنس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان على بغلة شهباء،
فمَرّ على حائط لبني النجار، فإذا هو بقبر يعذب صاحبه، فحامت البغلة،
فقال: "لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر". انتهى (?).
وفي رواية لابن حبّان عن أنس بن مالك، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه دخل
حائطًا من حوائط بني النجار، فسمع صوتًا من قبر، قال: "متى دُفن صاحب
هذا القبر؟ " فقالوا: في الجاهلية، فَسُرّ بذلك، وقال: "لولا أن لا تدافنوا
لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر". انتهى (?).
وفي رواية الطبريّ عن قاسم الرحال، سمع أنسًا، دخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خَرِبة
لبني، النجار، كأنه يقضي فيها حاجة، فخرج إلينا، وهو كأنه مذعور، وهو
يقول: "لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب أهل القبور ما
أسمعني". انتهى (?).
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.
(المسألة الثانية): في تخريجه: