واخْتَفَى. استتر. انتهى كلام الفيّوميّ -رحمه الله- (?)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا لِلُغة
"خَفِي" بمعنى استتر، وبمعنى ظهر، والله تعالى أعلم.
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "والخائن الذي لا يخفى له طمع ... إلخ"
الخائن: هو الذي يأخذ مما اؤتمن عليه بغير إذن مالكه، و"يخفى له" -هنا-
بمعنى يَظهر، كما قال الشاعر [من الطويل]:
خَفَاهُنّ مِنْ أَنْفَاقِهِنَّ كَأَنَّمَا ... خَفَاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشيٍّ مُجَلِّبِ
أي: أظهرهن، وخفي من الأضداد، يقال: خفيت الشيءَ؛ أي: أظهرته،
وسترته، قاله أبو عبيد. انتهى (?).
ثم أشار إلى ثالث الخمسة بقوله: (وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ، وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ
يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ، وَمَالِكَ")؛ أي: بسببهما، فـ "عن" بمعنى الباء، كما في
قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (?)} [النجم: 3]، وقال في "الكشاف" في قوله
تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} [البقرة: 36] أي: حَمَلهما الشيطان على الزلة
بسببها، والمعنى: يخادعك بسبب أهلك ومالك؛ أي: يطمع في مالك
وأهلك، فيُظهر عندك الأمانة والعفّة، ويخون فيهما (?).
(وَذَكرَ)؛ أي: النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في القسم الرابع من الخمسة (الْبُخْلَ، أَوِ الْكَذِبَ،
"والشنظير الفحاش") قال التوربشتيّ: أي: البخيل والكذاب، أقام المصدر مقام
الفاعل، وقال الطيبيّ: ولعل الراوي نسي ألفاظًا ذكرها في شأن البخيل، أو
الكذاب، فعبّر بهذه الصيغة، وإلا كان يقول: والبخيل، أو الكذاب.
وقال النوويّ -رحمه الله-: هي في أكثر النسخ: "أو الكذب" بـ "أو"، وفي
بعضها بالواو، والأول هو المشهور في نُسخ بلادنا، وقال القاضي عياض:
روايتنا عن جميع شيوخنا بالواو، إلا ابن أبي جعفر، عن الطبريّ، وقال بعض
الشيوخ: ولعله الصواب، وبه تكون المذكورات خمسة، قال الطيبيّ: فعلى هذا
قوله: "وَالشِّنْظِيرُ" مرفوع فيكون عطفًا على "رجل"، كما سبق، وعلى تأويل
الواو ينبغي أن يكون منصوبًا من تتمة الكذب، أو البخل؛ أي: البخيل السيئ