الرواية في هاتين الكلمتين بتقديم: "مميلات" على "مائلات"، وكلاهما من

الميل، بالياء باثنتين من تحتها، ومعنى ذلك: أنهن يَمِلْن في أنفسهنّ تثنّيًا،

ونعمة، وتصنّعًا؛ ليُمِلن إليهن قلوب الرجال، فيميلوا إليهنّ، ويفتنَّهم، وعلى

هذا فكان حقّ "مائلات" أن يتقدم على "مميلات"، لأنَّ ميلهنّ في أنفسهن مقدَّم

في الوجود على إمالتهن، وصحَّ ذلك، لأن الصفات المجتمعة لا يلزم ترتيبها،

ألا ترى أنها تُعْطَف بالواو، والواو جامعة، غير مترتبة، إلا أن الأحسن تقديم

"مائلات" على "مميلات"؛ لأنَّه سببه، كما سبق.

وقوله: (رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ (?) الْمَائِلَةِ)؛ أي: اللاتي يجعلن على

رؤوسهنّ ما يكبّرها، ويعظّمها، من الْخِرَق، والعصائب، والْخُمُر، حتى تصير

تُشبه العمائم، وأسنمة الإبل، وهي جمع سنام، قال ابن العربيّ: وهذا كناية

عن تكبير رأسها بالخِرَق حتى يَظُنّ الرائي أنه كله شَعْر، وهو حرام.

وقوله: (لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ)؛ أي: مع السابقين، أو بغير عذاب، قال ابن

عبد البرّ رحمه اللهُ: هذا عندي محمول على المشيئة، وأن هذا جزاؤهنّ، فإن عفا الله

عنهنّ، فهو أهل العفو والمغفرة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ

لِمَنْ يَشَاءُ} الآية [النساء: 48] (?).

وقوله: (وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا") هو

كناية عن خمسمائة عام، كما قد جاء مُفسَّرًا، ففي رواية "الموطّأ": "وريحها

يوجد من مسيرة خمسمائة سنة"، والله تعالى أعلم.

والحديث من أفراد المصنّف رحمه اللهُ، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله

بالرقم المذكور، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه اللهُ أوّلَ الكتاب قال:

[7167] (2857) - (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا زيدٌ -يَعْنِي: ابْنَ حُبَابٍ-

حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015