وأربعون ذراعًا بذراع الجبّار"، وأخرجه البيهقيّ، وقال: أراد بذلك التهويل؛

يعني: بلفظ الجبار، قال: ويَحْتَمِل أن يريد جبارًا من الجبابرة، إشارةً إلى عِظَم

الذراع، وجزم ابن حبان لَمّا أخرجه في "صحيحه" بأن الجبار مَلِك كان

باليمن.

وفي مرسل عبيد بن عمير عند ابن المبارك في "الزهد" بسند صحيح:

"وكثافة جلده سبعون ذراعًا"، وهذا يؤيد الاحتمال الأول؛ لأن السبعين تُطلق

للمبالغة.

وللبيهقيّ من طريق عطاء بن يسار، عن أبي هريرة: "وفخذه مثل ورقان،

ومقعده مثل ما بين المدينة والرّبَذة"، وأخرجه الترمذيّ، ولفظه: "بين مكة

والمدينة"، و"وَرْقان" بفتح الواو، وسكون الراء، بعدها قاف: جبل معروف

بالحجاز، و"الربذة" بفتحتين: قرية قريبة من المدينة (?).

قال: وكأن اختلاف هذه المقادير محمول على اختلاف تعذيب الكفار في

النار، وقال القرطبيّ في "المفهم": إنما عَظُم خَلْق الكافر في النار؛ ليعظم

عذابه، ويضاعف ألمه، ثم قال: وهذا إنما هو في حقّ البعض، بدليل الحديث

الآخر: "إن المتكبرين يُحشرون يوم القيامة أمثال الذَّرّ في صور الرجال،

يساقون إلى سجن في جهنم، يقال له: بولس"، قال: ولا شك في أن الكفار

متفاوتون في العذاب، كما عُلم من الكتاب والسُّنَّة، ولأنا نعلم على القطع أن

عذاب مَن قتل الأنبياء وفتك في المسلمين، وأفسد في الأرض، ليس مساويًا

لعذاب من كفر فقط، وأحسن معاملة المسلمين مثلًا.

قال الحافظ: أما الحديث المذكور، فأخرجه الترمذيّ، والنسائيّ، بسند

جيد، عن عمرو بن شعيب، على أبيه، عن جدّه، ولا حجة فيه لمدّعاه؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015