والباقيان ذُكرا قبله.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من خُماسيّات المصنّف رحمه اللهُ، وأنه
مسلسل بالكوفيين، غير الصحابيّ، فمدنيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي حَازِمٍ) سلمان الأشجعيّ، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - حال كونه
(يَرْفَعُهُ)؛ أي: يرفع الحديث إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الصيغة تستعمل في الرفع
حكمًا، وسبب العدول عن الصيغ المعروفة؛ كسمعت، أو حدثني، أو أخبرني،
أو نحو ذلك شكّ الراوي، وهو أبو حازم في تعيين الصيغة، فأتى بما يشمل
الكل، وقد سبق هذا غير مرّة. (قالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("مَا) موصولة مبتدأ خبرها
"مسيرة"، وَصِلتها قوله: (بَيْنَ مَنْكِبَي الْكَافِرِ) بكسر الكاف: تثنية منكب، وهو
مُجْتَمَع العضد والكتف. (فِي النَّارِ)؛ أي: نار جهنم، (مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ لِلرَّاكبِ
الْمُسْرِعِ") في السير، وإنما عَظُم خلقه فيها لِيَعْظُم عذابه، ويضاعَفَ ألمه،
فتمتلئ النار منهم. انتهى (?).
وقال في "الفتح": قوله: "مسيرة ثلاثة أيام"، وفي رواية يوسف بن عيسى
عن الفضل بن موسى بسند البخاريّ فيه: "خمسة أيام"، أخرجه الحسن بن
سفيان في "مسنده" عنه، وفي حديث ابن عمر عند أحمد من رواية مجاهد عنه
مرفوعًا: "يَعْظُم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه
مسيرة سبعمائة عام"، وللبيهقيّ في "البعث" من وجه آخر عن مجاهد، عن ابن
عباس: "مسيرة سبعين خريفًا"، ولابن المبارك في "الزهد" عن أبي هريرة قال:
"ضرس الكافر يوم القيامة أعظم من أُحد، يَعْظُمون لتمتلئ منهم، وليذوقوا
العذاب"، وسنده صحيح، ولم يصرّح برفعه، لكن له حكم الرفع؛ لأنه لا
مجال للرأي فيه، وقد أخرج أوله مسلم من وجه آخر، عن أبي هريرة،
مرفوعًا، وزاد: "وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام"، وأخرجه البزار من وجه ثالث،
عن أبي هريرة، بسند صحيح، بلفظ: "غِلَظ جلد الكافر، وكثافة جلده اثنان