وقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا} لا يدل بظاهره على أنهم منعَّمون بها فضلاً عن انفرادها
بنعيمهم بها، ثم قال: ولعل الوجه - والله أعلم - أن يكون من باب {حَتَّى يَلِجَ
الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ
الْأُولَى} [الدخان: 56]، وأشار إليه سلّمه الله - يريد الفاضل الطيبي - (?).
وذكر أنه وقف بعد ذلك على نص من قبل الزجاج. انتهى.
يريد أنه تقيد بالمحال في الآيتين وعصاة الموحدين داخلون في السعادة،
فإنهم خالدون في الجنة، وإن تأخر دخولهم إياها، فإنه من المعلوم أن
الداخلين إلى الجنة لا يدخلون دفعة واحدة، بل يدخلون أرسالاً، بل فيها من
يسبق إليها بمقدار خمسمائة عام، كما ثبت ذلك في فقراء المهاجرين (?)،
والذي رجحه الفخر الرازي بعد سرده للأقوال وتعقُّبه لها أن عصاة الموحدين
داخلون في الأشقياء محكوم عليهم بهذا الحكم، وقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}
يوجب أن لا يبقى حكم الخلود لبعض الأشقياء، ولمّا ثبت أن الخلود واجب
للكفار وجب أن يقال: الذين زال حكم الخلود عنهم هم الفساق من أهل
الصلاة، وهذا الكلام قويّ في هذا الباب. انتهى.