السماوات والأرض، والأخبار الصحيحة دالة على أن التنقل من النار وبالعكس
يحصل كل يوم مراراً، فبطل هذا الوجه. انتهى كلامه.
قلت: ولا يخفى ضَعف كلامه، فإن معنى الآية: أن أهل النار في النار
خالدين فيها مدة دوام السموات والأرض إلى وقت مشيئة ربك عدم خلودهم
فيها، فهو إخراج بوقت مشيئة عدم الخلود من القيد بدوام السموات والأرض
والإخراج من المقيّد إخراج منه ومن قَيْده، بمعنى أن الإخراج منه بعد اتصافه
بالقيد، فالقيد جزء منه، ومعناه: أن يخرج من النار إليها إلى غيرها مع بقاء
السموات والأرض، لا بعد انقضاء مدتهاهـ.
ثم هذا الذي أورده الرأزي لازم لِمَا اختاره في الآية كما ستعرفه.
هذا: وقد اعترض كلام "الكشاف" صاحب "الإتحاف"، فقال (?):
لا أدري ما حَمَله على ما لا تقبله العقول في حَمْل الاستثناءين على
الخروج إلى الهموم والغموم في أهل النار، وإلى رضوان الله في أهل الجنة،
ونحو ذلك مما ذكر، والغموم لازم أهل النار، ورضوان الله ملازم لأهل
الجنة، ولأجله دخولها، وكذلك سَخَط الله لأهل النار، وكيف الخروج من
الأمور الحسية، وهي الجنة والنار إلى المعنوية، وهي السخط والرضى، وسائر
ما ذكرناه، مما اشتمل عليه دار العقاب ودار النعيم. انتهى.
ثم جنح إلى حمل الاستثناء في آية "هود" على الوجه الذي حَمَله عليه
صاحب "الكشاف" في آية "الأنعام"، وقد سبق ذكره، هذا إن لم يُحمل كلام
صاحب "الكشاف" على ما روي عن ابن مسعود، وإن حُمل عليه لم يتم إيراد
صاحب "الإتحاف"، كما أنه لا يَرِد على صاحمب "الكشاف" ما أورده عليه
الرازيّ، وكلام "الإتحاف" هذا صحيح، إلا قوله: إن رضوان الله لازم لأهل
الجنة، ولأجله دخولها، فإنه قد يقال: إنه أخرج أحمد، والشيخان،