(كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ) هو النجم الشديد الإضاءةِ، وقال الفرّاء: هو
النجم العظيم المقدار، وهو بضم الدال المهملة، وكسر الراء المشدّدة، بعدها
تحتانية ثقيلة، وقد تسكن، وبعدها همزة، ومَدّ، وقد يكسر أوله على الحالين،
فتلك أربع لغات، ثم قيل: إن المعنى مختلف، فبالتشديد كأنه منسوب إلى
الدُّرّ؛ لبياضه وضيائه، وبالهمز كأنه مأخوذ من درأ؛ أي: دَفَعَ؛ لاندفاعه عند
طلوعه، ونقل ابن الجوزيّ عن الكسائيّ تثليث الدال، قال: فبالضم نسبة إلى
الدرّ، وبالكسر: الجاري، وبالفتح: اللامع. انتهى (?).
(الْغَابِرَ) قال القرطبيّ رحمه اللهُ: الرواية المشهورة الغابر بموحّدة، ومعناه:
الذاهب، والباقي على اختلاف المفسرين، وغبر من الأضداد، يقال: غبر: إذا
ذهب، وغبر إذا بقي، ويعني به: أن الكوكب حالة طلوعه وغروبه بعيدٌ عن الأبصار،
فيظهر صغيرًا لِبُعده، وقد بيّنه بقوله: "في الأفق، من المشرق، أو المغرب"،
والأفق: ناحية السماء، وهو بضم الهمزة، والفاء، وبسكونها، كما يقال: عشُرٌ
وعُشْرٌ، وجمعه: آفاق، وقد قيّدنا تلك اللفظة على من يوثق به: "الغائر" بالهمز،
اسم فاعل من غار، وقد رُوي في غير مسلم: "الغارب" بتقديم الراء، وُيروى:
"العازب" بالعين المهملة، والزاي؛ أي: البعيد، ومعانيها كلها متقاربة. انتهى (?).
وقال في "الفتح" قوله: "الغابر" كذا للأكثر، وفي رواية "الموطأ": "الغاير"
بالتحتانية بدل الموحّدة، قال عياض: كأنه الداخل في الغروب، وفي رواية
الترمذيّ: "الغارب"، وفي رواية الأصيليّ بِالْعين المهملة، والزاي، قال عياض:
معناه: الذي يبعد للغروب، وقيل: معناه: الغائب، ولكن لا يحسن هنا؛ لأن
المراد: أن بُعده عن الأرض كبُعد غرف الجنة عن رَبَضِها في رأي العين، والرواية
الأُولى هي المشهورة، ومعنى الغابر هنا: الذاهب، وقد فسره في الحديث بقوله:
"من المشرق إلى المغرب"، والمراد بالأفق: ناحية السماء (?). انتهى (?).