وقال وليّ الدين العراقيّ رحمه الله: معنى هذا الحديث: أن الله تعالى ادّخر

في الجنة من النعيم، والخيرات، واللذات ما لم يُطلع عليه أحدًا من الخلق

بطريق من الطرق، فذكر الرؤية، والسمع؛ لأنه يدرَك بهما أكثر المحسوسات،

والإدراك بالذوق، والشم واللمس أقلّ من ذلك، ثم زاد على ذلك أنه لم يجعل

لأحد طريقًا إلا توهّمها بفكر وخطور على قلب، فقد جلّت وعظمت عن أن

يدركها فكر وخاطر، ولا غاية فوق هذا في إخفائها، والإخبار عن عظم

شأنها، على طريق الإجمال دون التفصيل، قال أبو العباس القرطبيّ: وقد

تعرض بعض الناس لتعيينه، وهو تكلف ينفيه الخبر نفسه؛ إذ قد نفى علمه

والشعور به عن كل أحد، قال: ويشهد له، ويحققه قوله في رواية

"الصحيحين": "بله ما أطلعكم عليه"؛ أي: غير ما أطلعكم عليه؛ يعني: أن

المعدّ المذكور غير الذي أطلع عليه أحدًا من الخلق، و"بله" اسم من أسماء

الأفعال، بمعنى: دَعْ، هذا هو المشهور فيها، وقيل: هي بمعنى: غير، وهذا

تفسير معنى، قال النوويّ: ومعناه: دع ما أطلعكم عليه، فالذي لم يطلعكم

عليه أعظم، فكأنه أضرب عنه استقلالًا، في جنب ما لم يطلع عليه، وقيل:

معنى"بله": كيف. انتهى (?).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:

[7108] ( ... ) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا

أَبُو مُعَاوَيةَ (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ

أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُ اللهُ عز وجل: أَعْدَدْتُ

لِعِبَادِي الَصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ،

ذُخْرًا بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ"، ثُمَّ قَرَأَ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015