باب نفع، واذخرته أَذّخِره اذّخارًا بالادغام، هو افتعلت، ووقع في طريق
الفارسي: "ذكرًا" بالكاف، ولبعضهم: "دخر" بغير تنوين، وليسا بشيء، ومعنى
هذا الكلام: أن الله تعالى ادّخر في الجنة من النعيم، والخيرات، واللذات ما
لم يَطّلع عليه أحدٌ من الخلق، لا بالإخبار عنه، ولا بالفكرة فيه، وقد تعرّض
بعض الناس لتعيينه، وهو تكلّف ينفيه الخبر نفسه؛ إذ قد نفى علمه، والشعور
به، عن كل أحد، ويشهد له، ويُحقّقه قوله: "بله ما أطلعكم الله عليه"؛ أي: دَعْ
ما أطلعكم عليه؛ يعني: أن المعدّ المذكور غير الذي أطلع عليه أحدًا من
الخلق، و"بله": اسم من أسماء الأفعال، بمعنى: دَعْ، هذا هو المشهور فيها،
وقيل: هي بمعنى: غير، وهذا تفسير معنى. انتهى (?).
وقوله: (بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ") قال في "العمدة": قوله: "بَلْهَ" بفتح
الباء الموحّدة، وسكون اللام، وفتح الهاء، معناه: دَعْ الذي أُطلعتم عليه،
وقيل: معناه: سوى؛ أي: سوى ما أُطلعتم عليه الذي ذكره الله في القرآن،
وقال الخطابيّ: كأنه يريد به: دع ما أطلعتم عليه، وأنه سهل يسير في جنب ما
ادخرته لهم، ويقال أيضًا: بمعنى: أَجْل، وحَكَى الليث أنه يقال: بمعنى:
فضل، كأنه يقول: هذا الذي غيّبته عنكم فضل ما أطلعتم عليه منها.
وقال الصغانيّ: اتفق جميع ثُسخ الصحيح على "من بله"، والصواب
إسقاط كلمة "من" منه، واعتُرض عليه بأنه لا يتعين إسقاط "من" إلا إذا فُسرت
بمعنى: دَعْ، وأما إذا فسرت بمعنى: من أجل، أو من غير، أو سوى فلا.
وقال ابن مالك: المعروف من بله اسم فعل، بمعنى اترك، ناصب لِمَا
يليه بمعنى المفعولية، واستعماله مصدرًا بمعنى الترك مضافًا إلى ما يليه،
والفتحة في الأُولى بنائية، وفي الثانية إعرابية، وهو مصدرٌ مُهْمَل الفعل، ممنوع
الصرف.
وقال الأخفش: بله هنا مصدر، كما يقول: ضَرْبَ زيدٍ، وندر دخول
"من" عليه زائدةً. انتهى (?).
وقال في "الفتح": قوله: "من بله ما أُطلعتم عليه": قال الخطابيّ: كأنه