المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أسلم، حتى لم يأمره إلا بخير، لا أنه كان يَسلم منه، وإن كان
كافرًا. انتهى.
والحاصل: أن قرينه -صلى الله عليه وسلم- أسلم؛ معجزة له -صلى الله عليه وسلم-، حتى لا يكون صاحبه إلا
مسلمًا، وإن كان طبيعة الشيطان الكفر، إلا أن هذا من خوارق العادة؛ إكرامًا
من الله سبحانه وتعالى لنبيّه -صلى الله عليه وسلم-، وتبجيلًا له، وتفضيلًا، قال الله عز وجل: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113]، وقال تعالى: {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا} [الإسراء: 87]، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا من أفراد
المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [19/ 7082 و 7083] (2814)، و (أحمد) في
"مسنده" (1/ 385 و 397 و 401 و 460)، و (الدارميّ) في "سننه" (2/ 306)،
و(الطحاويّ) في "مشكل الآثار" (109)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (10522
و10523 و 10524)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (6417)، و (البيهقيّ) في
"الدلائل" (7/ 100 و 101)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (4211)، والله تعالى
أعلم. ٌ
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان شدّة تسلّط الشحاطين على عموم بني آدم، طالحيهم،
وصالحيهم، فلا ينجو منهم إلا من توكّل على الله تعالى، فيحفظه من كيدهم،
كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)}
[النحل: 99].
2 - (ومنها): بيان كرامة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ربّه، وعنايته به، حمث أسلم
قرينه، أو سلّمه الله تعالى من أذاه، فلا يأمره إلا بخير.
3 - (ومنها): ما قال القاضي عياض رحمه الله: واعلم أن الأمة مجتمعة على
عصمة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الشيطان لا في جسمه بأنواع الأذى، ولا على خاطره