والحديث من أفراد المصنّف رحمه الله وستأتي مسائله في الحديث التالي -إن
شاء، الله تعالى-.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7080] ( ... ) - (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ -وَاللَّفْظُ لأَبِي كُرَيْبٍ- قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ
أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى
الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً، أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ:
فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا
تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ"، قَالَ
الأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: "فَيَلْتَزِمُهُ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
وكلّهم ذكروا في الباب.
شرح الحديث:
(عَنْ جَابرٍ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ إِبْلِيسَ)؛ أي:
الشيطان، من أبلس: إذا أيس، قال تعالى: {فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]،
قال الفيّوميّ: وإِبْلِيسُ أعجميّ، ولهذا لا ينصرف؛ للعُجمة والعلمية، وقيل:
عربيّ مشتق من الإبلاس، وهو اليأس، ورُدّ بأنه لو كان عربيًّا لانصرف، كما
ينصرف نظائره، نحو إِجْفيلٍ، وإِخْريطٍ. انتهى (?).
(يَضَعُ عَرْشَهُ)؛ أي: سرير ملكه (عَلَى الْمَاءِ) معناه: أن مركزه الماء،
ومنه يبعث سراياه في نواحي الأرض، قاله النوويّ (?).
وقال المناويّ: يَحْتَمِل أن يكون سريرًا حقيقةً، يضعه على الماء، ويجلس
علجه، وهذا هو الصحيح، وَيحْتَمِل كونه تمثيلًا لتَفَرْعُنه، وشدة عُتُوّه، ونفوذ
أمره بين سراياه، وجيوشه، وأيًا ما كان فيظهر أن استعمال هذه العبارة الهائلة،