جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 47]؛ أي: لو كان
لهم يوم القيامة ما في الأرض جميعاً ومثله معه، وأمكنهم الافتداء لافتدوا.
انتهى (?).
وقال القاري -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذاباً يوم
القيامة: لو أن لك ... إلخ" (?)؛ أي: لو فُرض الآن أن تملك "ما في الأرض
من شيء". "من" زائدة، للاستغراق؛ أي: جميع ما فيها، وطُلب منك أن
تفتدي به، وتخلص نفسك من النار، "أكنت تفتدي به؟ " وهو من الافتداء بمعنى
إعطاء الفدية للإنجاء، "فيقول: نعم، فيقول" -أي: الله سبحانه-: "أردت منك
أهون من هذا"؛ أي: طلبته فوضع السبب موضع المسبَّب، ولأن مراد الله
تعالى لا يتخلف، كما اتفق عليه السلف والخلف بقولهم: ما شاء الله كان،
وما لم يشأ لم يكن.
وحاصله: أني أمرتك بأسهل من هذا، وأنت في صُلب آدم؛ أي: تعلق
بك الأمر والحال وأنت في صُلب ادَم، وفيه إيماء إلى قضية الميثاق المشتمل
على قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، والمراد منه:
التوحيد، والعبادة على وجه التفريد، وإليه أشار بقوله: "أن لا تشرك بي شيئاً"
وهو بدل، أو بيان لقوله: "أهون"، "فأبيت"؛ أي: كل شيء "إلا أن تشرك
بي"؛ أي: فلا جَرَم لا أقبل منك، ولو افتديت بجميع ما في الأرض، كما قال
تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ} [المائدة: 36]، وقال في موضع آخر:
{وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 47].