القدرة، والأمن من العقوبة، والصبور تُخشى عاقبة أخْذه، وهذا الفرق بين
الصبر والحلم. انتهى (?).
وقال المناويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "لا أحد أصبر" من الصبر، وأصله: حبس
النفس على ما تكرهه، وهو في صفة الباري تأخير العذاب عن مستحقه،
فالمراد مِن أفعل نفي ذات المفضل عليه، وإذا انتفت ذاته انتفت المساواة،
والنقص بالأَولى، وقوله: "على أذى" مصدر أَذَى يؤذي، يعني: المؤذي؛ أي:
كلام مؤذٍ. "سمعه من الله"؛ أي: ليس أحد أشد صبراً من الله بإرسال العذاب
إلى مستحقه، وهم الكفار على القول القبيح المذكور، قال: ولو نُسب ذلك إلى
ملِك من أحقر ملوك الدنيا لاستنكف، وامتلأ غضباً، وأهْلَكَ قائله، فسبحانه ما
أحلمه، وما أرحمه، {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} [الكهف: 58]، وهو مع ذلك يحبس عقوبته عنهم، ولا يعاجلهم، بل
يعافيهم؛ أي: يدفع عنهم المكاره، والمعافاة: دفع المكروه، ويرزقهم، فهو
أصبر على الأذى من الخلق، فإنهم يُؤذَون بما هو فيهم، وهو يؤذَى بما ليس
فيه، وهم إن صبروا صبروا تكلفاً، وضَعفاً، وصبرُه حِلم، ولطف. انتهى (?)،
والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [12/ 7054 و 7055 و 7056] (2854)،
و(البخاريّ) في "الأدب" (6099) و"التوحيد" (7378)، و (النسائيّ) في
"الكبرى" (6/ 395)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 395 و 401 و 405)،
و(اللالكائيّ) في "اعتقاد أهل السُّنَّة" (687)، و (تمّام الرازيّ) في "فوائده" (1/
177، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده: