الكلبيّ عن جماعة في الجاهلية أنهم كانوا زنادقة، منهم العاص بن وائل،

وعقبة بن أبي معيط، والوليد بن المغيرة، وأُبَيَ بن خلف. انتهى (?).

(دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ)، أي: فأتيت العاص أطلب منه دَيني، قال مقاتل:

صاغ خباب للعاصي شيئاً من الحليّ، فلما طلب منه الأجر قال: ألستم

تزعمون أن في الجنة الحرير، والذهب، والفضة، والولدان؟ ، قال خباب:

نعم، قال العاص: فميعاد ما بيننا الجنة.

وقال الواحديّ: قال الكلبيّ، ومقاتل: كان خباب قَيناً، وكان يعمل

للعاص بن وائل، وكان العاصي يؤخر حقّه، فأتاه يتقاضاه، فقال: ما عندي

اليوم ما أقضيك، فقال خباب: لست بمفارقك حتى تقضيني، فقال العاصي: يا

خباب ما لك؟ ما كنت هكذا، وإن كنت لَحَسَن الطلب، قال: ذلك إذا كنت

على دِينك، وأما اليوم فأنا على الإسلام، قال: أفلستم تزعمون أن في الجنة

ذهباً وفضةً وحريراً؟ قال: بلى، قال: فأخّرني حتى أقضيك في الجنة -استهزاءً-

فوالله إن كان ما تقول حقّاً إني لأفْضَل فيها نصيباً منك، فأنزل الله تعالى الآية.

انتهى.

والآية هي قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} [مريم: 77] (?).

وفي رواية للبخاريّ: "دعني حتى أموت، وأبعث، فسأوتى مالاً وولداً،

فأقضيك"، قال ذلك استهزاء بعقيدة البعث، وكان من المستهزئين بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -،

نعوذ بالله من ذلك.

(فَقَالَ) العاص بن وائل (لِي: لَنْ أَقْضِيَكَ) وفي رواية للبخاريّ: "فقال:

لا أعطيك"؛ أي: فقال العاصي: لا أعطيك حقك (حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ) - صلى الله عليه وسلم -،

(قَالَ) خبّاب - رضي الله عنه -: (فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي لَنْ أَكفُرَ بِمُحَمَّدٍ) - صلى الله عليه وسلم - (حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ

تُبْعَثَ) قال في "الفتح": مفهومه أنه يكفر حينئذ، لكنه لم يُرِد ذلك؛ لأن الكفر

حينئذ لا يُتصور، فكأنه قال: لا أكفر أبداً، والنكتة في تعبيره بالبعث تعيير

العاص بأنه لا يؤمن به، وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل قوله هذا،

فقال: عَلَّق الكفر، ومن عَلّق الكفر كفر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015