"بينما"، و"بينا" غير مرّة، وقال في "العمدة": قوله: "بينا أنا" قد مَرّ غير مرة

أن أصل بينا: "بين"، فأُشبعت الفتحة بالألف، والعامل فيه جوابه وهو قوله:

"فمرّ (?) بنفر من اليهود". لا يقال: الفاء الجزائية تمنع عمل ما بعدها فيما

قبلها، فلا يعمل "مَرّ" في "بينا"؛ لأنا نقول: لا نسلّم أن الفاء هنا جزائية؛ إذ

ليس في "بين" معنى المجازاة الصريحة، بل فيها رائحة منها، ولئن سلّمنا،

ولكن لا نسلّم ما ذكرتم من المنع؛ لأن النحاة قالوا في أمّا زيداً فأنا ضارب:

إن العامل في زيداً هو ضارب، سلّمنا ذلك، فنقول: العامل فيه مَرّ مقدراً،

والمذكور يفسره، ولنا أن نقول بين الفاء وإذا أُخُوّة حيث استُعملت الفاء هنا

موضع إذا، والغالمب أن جواب "بينا" يكون بإذا، هاذ، وإن كان الأصمعي

يستفصح تركهما. انتهى (?).

وقوله: (مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) متعلّق بحال؛ أي: مصاحباً معه (فِي حَرْثٍ) بفتح

الحاء المهملة، وسكون الراء، آخره ثاء مثلثة، وهو موضع الزرع، وهو مراده

بقوله في الرواية الأخرى: "في نخل"، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: واتفقت نُسخ

"صحيح مسلم" على أنه "حرث" بالثاء المثلثة، وكذا رواه البخاريّ في مواضع،

ورواه في أول الكتاب، في "باب وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً": "خرب"

بالباء الموحدة والخاء المعجمة: جمع خراب، قال العلماء: الأول أصوب،

وللآخر وجه، ويجوز أن يكون الموضع فيه الوصفان. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قوله: "في حرث" بفتح المهملة، وسكون الراء، بعدها

مثلثة، ووقع في "كتاب العلم" -أي: عند البخاريّ- من وجه آخر بخاء معجمة،

وموحّدة، وضبطوه بفتح أوله، وكسر ثانيه، وبالعكس، والأول أصوب، فقد

أخرجه مسلم من طريق مسروق، عن ابن مسعود بلفظ: "كان في نخل"، وزاد في

رواية العلم: "بالمدينة"، ولابن مردويه من وجه آخر، عن الأعمش: "في حرث

للأنصار"، وهذا يدلّ على أن نزول الآية وقع بالمدينة، لكن روى الترمذيّ من

طريق داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس: "قال: قالت قريش لليهود:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015