بدّلت الحلقة خاتَماً، إذا حذفتها، وسوّيتها خاتماً، واختُلف في تبديل الأرض
والسموات، فقيل: يبدل أوصافهما، فتسير عن الأرض جبالها، وتفجر
بحارها، وتُجعل مستوية، لا ترى فيها عوجاً، ولا أمتاً، وتبديل السماوات
بانتشار كواكبها، وكسوف شمسها، وخسوف قمرها، وقيل: يُخلق بدلهما أرض
أخرى، وسماوات أخرى، والصحيح أن التبديل هنا تغيّر الذات، كما يدل عليه
السؤال والجواب (?)، وقد استوفيت البحث في هذا في المسألة الرابعة من
المسائل المذكورة في الحديث الماضي، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("عَلَى الصِّرَاطِ")؛
أي: يكونون عليه، قال الأبّيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?): الصراط يَحْتَمل أنه الصراط المعروف،
وَيحتَمِل أنه اسم لموضع غيره يستقرّ الخلق عليه، وكأنه الأظهر للحديث
الآخر، وقد سئل: أين يكون الناس يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات؟
قال: "هم في الظُّلمة دون الجسر" (?)، والجسر الصراط يكون، وقال ابن
عطيّة: وروي حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "المؤمنون في وقت التبديل في ظل
العرش", وفي حديث آخر، سأله يهوديّ أين الخلق عند ذلك؟ قال:
"أضياف الله، فلن يُعجزهم ما لديه" (?).
وبالجملة فأحوال الآخرة لا يدرك كنهها بهذه العقول في الدنيا، والسبيل
الأسلم الإيمان بما جاء في النصوص الصحيحة، وترك الخوض في
تفاصيلها (?)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخم هـ جه (المصنّف) هنا [4/ 7530] (2791)، و (الترمذيّ) في "التفسير"
(3121)، و (ابن ماجه) في "الزهد" (4279)، و (أحمد) في "مسنده" (6/ 35)،