من الرجوع إلى المذهب الحقّ البريء من التناقض، وهو مذهب أهل السُّنَّة
والجماعة، أو الخروج إلى مذهب المعطّلة من الجهميّة والمعتزلة، فلا مخلَص
لهم من تناقضهم إلا بأحد الأمرين، فالواجب الاعتصام بكتاب الله تعالى،
وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على فهم السلف الصالح الذين مذهبهم هو الأسلم، والأعلم،
والأحكم؛ خلافًا لِمَا زعمه بعض الخلف، والله يهدي من يشاء إلى صراط
مستقيم.
قال: وبعدُ فقد أحسن الحافظ ابن حجر: في تعقّبه على من خطّأ ابن
مسعود -رضي الله عنه- في فَهْمه من ضحك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تصديق قول اليهوديّ، وأحسن
كذلك في إيراد تعقّب ابن خزيمة لمن منع صفة الأصابع لله تعالى، ونصّ كلام
ابن خزيمة كما ورد في "كتاب التوحيد" (?) له: "وقد أجلّ الله تعالى قَدْر نبيّه -صلى الله عليه وسلم-
عن أن يوصف الخالق بحضرته بما ليس من صفاته، فيسمعه، فيضحك عنده،
ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلّم به ضحكًا تبدو نواجذه
تصديقًا، وتعجّبًا لقائله، لا يصف النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بهذه الصفة مؤمن مصدّق برسالته".
قال: يريد ابن خزيمة رحمه الله بذلك أنه يلزم مَن ينفي صفة الأصابع لله عز وجل
مع ثبوت ضحك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تصديقًا لوصف اليهوديّ لله تعالى بذلك يلزم هذا
النافي أن يصف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالضحك، وإقرار الباطل بدلًا من إنكار ذلك،
والغضب منه، فيصف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بترك الواجب، وقد أجلّه الله تعالى عن ذلك.
انتهى ما كتبه الشيخ البرّاك حفظه الله تعالى، وهو بحث نفيس، وتحقيقٌ أنيس.
خلاصته: الرد على المؤولين لصفات القبض، وصفات الأصابع، بأحسن
ردّ، وأوضحه، وأن الحقّ إثبات ذلك على مراد الله عز وجل، كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى،
إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7021] ( ... ) - (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وِإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى