الْقِيَامَةِ، لَا يَزِنُ)؛ أي: لا يَعْدِل في القدر والمنزلة (عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ) بفتح

الموحّدة: هي الْبَقّة، جمعها بَعُوض (?). (اقْرَؤُوا)؛ أي: استشهادًا، واعتضادًا،

وفي رواية البخاريّ: "وقال: اقرؤوا"، القائل في الظاهر هو الصحابيّ، أو

مرفوع من بقية الحديث، قاله في "العمدة" (?). ({فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ})؛ أي: للكفّار

({يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} ") أي: قَدْرًا، وقال الإمام ابن جرير الطبريّ رحمه الله: يقول

تعالى ذِكره: فلا نجعل لهم ثقلًا، وإنما عَنَى بذلك: أنهم لا تثقّل بهم

موازينهم؛ لأن الموازين إنما تثقل بالأعمال الصالحة، وليس لهؤلاء شيء من

الأعمال الصالحة، فتثقل به موازينهم. انتهى (?).

وقال الشوكانيّ رحمه الله؛ أي: لا يكون لهم عندنا قدرٌ، ولا نعبأ بهم،

وقيل: لا يقام لهم ميزان توزن به أعمالهم؛ لأن ذلك إنما يكون لأهل

الحسنات والسيئات من الموحّدين، وهؤلاء لا حسنات لهم، قال ابن

الأعرابيّ: العرب تقول: ما لفلان عندنا وزن؛ أي: قدر، لخسّته، ويوصف

الرجل بأنه لا وزن له؛ لخفته، وسرعة طيشه، وقلة تثبّته، والمعنى على هذا:

أنهم لا يُعتدّ بهم، ولا يكون لهم عند الله قَدْر، ولا منزلة، وقرأ مجاهد:

"يقيم" بالياء التحتية؛ أي: فلا يقيم الله، وقرأ الباقون بالنون (?).

وقال القاري: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ}؛ أي: للكفار {يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} قيل: مقدارًا

وحسابًا، واعتبارًا، وقيل: ميزانًا، فالتقدير آلة الوزن؛ إذ الكفار الْخُلَّص

يدخلون النار بغير حساب، وإنما الميزان للمؤمنين الكاملين، والمرائين،

والمنافقين. انتهى (?).

وقال الطيبيّ رحمه الله: [فإن قلت]: كيف وَجْهُ صحة الاستشهاد بالآية، فإن

المراد بالوزن في الحديث: وزن الْجُثّة، ومقداره؛ لقوله: "العظيم، السمين"،

وفي الآية: إما وزن الأعمال؛ لقوله تعالى: {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [الكهف: 105]،

وإما مقدارهم، والمعنى: نزدري بهم، ولا يكون لهم عندنا وزن، ومقدار؟ .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015