(فِيهِمْ)؛ أي: في جملة الاثني عشر منافقًا، (ثَمَانِيَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ،
حَتَّى يَلِجَ)؛ أي: يدخل (الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)؛ أي: في ثُقب الإبرة، وهو
تعليق بالمحال، والمراد أنهم لا يدخلون الجتة أبدًا، و"الخياط" بكسر الخاء
المعجمة: ما يُخاط به؛ كالْمِخيط، وزانُ لِحَاف، ومِلْحف، وإزار، ومِئزر (?).
و"السمّ" مثلّث السين: ثُقب الإبرة، جمعه سِمَام (?).
(ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ) يا حذيفة، أو يا أيها المخاطب، (الدُّبَيْلَةُ") بضمّ
الدال المهملة: تصغير دَبْلة بفتح الدال، بمعنى الطاعون، والداهية، وداء في
الجوف، كما في "القاموس"، وقال ابن الأثير: الدُّبيلة: هي خُراج ودُمَّل كبير
تظهر في الجوف، فتقتل صاحبها غالبًا، وهي تصغير دَبْلة، وكل شيء جُمِع فقد
دُبِلَ. انتهى (?).
والمعنى: أن ثمانية من هؤلاء المنافقين يموتون بمرض الدُّبيلة، فكأن
الدُّبيلة تكفي المسلمين عن شرّهم.
وحاصل جواب عمّار -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن بعض المنافقين يبقون
بعده -صلى الله عليه وسلم-، فيُثيرون الفتن فيما بين أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فكأن عمّارًا -رضي الله عنه- أشار
إلى أن من قام حربًا على عليّ -رضي الله عنه- إنما فعل ذلك بتدسيس من هؤلاء
المنافقين، وكان عليّ -رضي الله عنه- على الحقّ، فوجب علينا نصره، ومؤازرته، والله
تعالى أعلم (?).
وقال النوويّ رحمه الله: أما قوله -صلى الله عليه وسلم-: "في أصحابي"، فمعناه: الذين يُنسبون
إلى صحبتي، كما قال في الرواية الثانية: "في أمتي"، و"سمّ الخياط" بفتح
السين، وضمّها، وكسرها، والفتح أشهر، وبه قرأ القراء السبعة، وهو ثُقب
الابرة، ومعناه: لا يدخلون الجنة أبدًا، كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة
أبدًا، وأما "الدُّبيلة" فبدال مهملة، ثم الجيم، ورُوي: "تكفيهم الدبيلة" بحذف
الكاف الثانية، ورُوي: "تَكْفِتُهُم" بتاء مثناة فوقُ بعد الفاء، من الْكَفْت، وهو