بما كان، وما يكون إلى أن تقوم الساعة، وأبوه صحابيّ أيضًا، استُشهِد بأُحُد،
ومات حذيفة في أول خلافة عليّ -رضي الله عنهم- سنة ست وثلاثين (ع) تقدّم في "شرح
المقدّمة" جـ 2 ص 457.
والباقيان ذُكرا في الباب.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من ثُمانيّات المصنّف رحمه الله، وفيه
ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض، وفيه رواية صحابيّ عن صحابيّ،
وكلاهما من السابقين إلى الإسلام، وفضلاء الصحابة -رضي الله عنهم-.
شرح الحديث:
(عَنْ قَيْس) بن عُبَاد بفتح العين المهملة، وتخفيف الموحّدة، كما قال في
"ألفيّة الأثر":
وَافْتَحْ عَبَادَة أَبَا مُحَمَّدِ ... وَاضْمُمْ أَبَا قَيْسٍ عُبَادًا تُرْشَدِ
أنه (قَالَ: قُلْتُ لِعَمَّار) بن ياسر -رضي الله عنهما-: (أَرَأَيْتُمْ)؛ أي: أخبروني (صَنِيعَكُمْ
هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ) -رضي الله عنه- من مناصرته، والقتال معه في صفّين
وغيره، (أَرَأْيًا)؛ أي: اجتهادًا منكم، وهو منصوب على أنه مفعول مطلق
لـ (رَأَيْتُمُوهُ)؛ أي: اجتهدتموه، زاد في الرواية التالية: "فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ
وَيُصِيبُ"، وقوله: (أَوْ شَيْئًا) منصوب على الاشتغال؛ أي: عهد إليكم -صلى الله عليه وسلم-
شيئًا، (عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: أوصاكم، وأمركم به أن تفعلوه معه،
يقال: عهِد إليه يَعْهَد، من باب تَعِبَ: أوصاه. (فَقَالَ) عمّار -رضي الله عنه-: (مَا) نافية،
(عَهِدَ إِلَيْنَا) معاشر المقاتلين معه، (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ)؛
أي: لم يوص به، (كَافَّةً)؛ أي: جميعًا، قال الفيّوميّ رحمه الله: وجاء الناس
كَافَّةً، قيل: منصوب على الحال، نصبًا لازمًا، لا يُستعمل إلا كذلك، وعليه
قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]؛ أي: إلا للناس
جميعًا، وقال الفراء في "كتاب معاني القرآن": نُصبت؛ لأنها في مذهب
المصدر، ولذلك لم تُدخل العرب فيها الألف واللام؛ لأنها آخر الكلام، مع
معنى المصدر، وهي في مذهب قولك: قاموا معًا، وقاموا جميعًا، فلا يُدخلون
الألف واللام على معًا، وجميعًا، إذا كانت بمعناها أيضًا، وقال الأزهريّ
أيضًا: كَافّةً منصوب على الحال، وهو مصدر على فاعلة؛ كالعافية، والعاقبة،