قول الأصمعي، فقال: أخطأ. قال لي أبو المكارم: إنما سمِّيت مفازة؛ لأن مَنْ

قَطَعها فاز. وقال ابن الأعرابي: بل لأنه مستسلم لِمَا أصابه. وقيل: المعنى: لا

تحسبنهم بمكان بعيد من العذاب؛ لأن الفوز التباعد عن المكروه (?).

وقال القرطبيّ المفسّر رحمه الله: وقوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ} [آل عمران:

178] "الذين" فاعل بـ {يَحْسَبَنَّ} بالياء، وهي قراءة نافع، وابن عامر، وابن

كثير، وأبي عمرو؛ أي: لا يحسبن الفارحون فرحهم منجيًا لهم من العذاب،

وقيل: المفعول الأول محذوف، وهو أنفسهم، والثاني {بِمَفَازَةٍ}، وقرأ

الكوفيون: "تحسبن" بالتاء على الخطاب للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ أي: لا تحسبن يا محمد

الفارحين بمفازة من العذاب، وقوله {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ} بالتاء، وفتح الباء، إعادة

تأكيد، ومفعوله الأول الهاء والميم، والمفعول الثاني محذوف؛ أي: كذلك،

والفاء عاطفة، أو زائدة على بدل الفعل الثاني من الأول.

وقرأ الضحاك، وعيسى بن عمر بالتاء، وضم الباء {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ}، أراد

محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.

وقرأ مجاهد، وابن كثير، وأبو عمرو، ويحيى بن يعمر بالياء، وضم الباء

خبرًا عن الفارحين؛ أي: فلا يحسبن أنفسهم، "بمفازة" المفعول الثاني،

ويكون {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ} تأكيدًا.

وقيل: {الَّذِينَ} فاعل بـ {يَحْسَبَنَّ} [آل عمران: 178] ومفعولاها محذوفان؛

لدلالة {يحسبنهم} عليه، كما قال الشاعر [من الطويل]:

بِأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍ ... تَرَى حُبَّهُمْ عَارًا عَلَيَّ وَتَحْسَبُ

استغنى بذكر مفعول الواحد عن ذِكر مفعول الثاني، و"بمفازة" الثاني،

وهو بدل من الفعل الأول، فأغنى لإبداله منه عن ذِكر مفعوليه، والفاء زائدة،

وقيل: قد تجيء هذه الأفعال ملغاةً لا في حكم الجمل المفيدة.

وقرأ جمهور القراء السبعة، وغيرهم: {أَتَوْا} بقصر الألف؛ أي: بما

جاءوا به من الكذب والكتمان.

وقرأ مروان بن الحكم، والأعمش، وإبراهيم النخعيّ: "آتوا" بالمدّ، بمعنى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015