قال ابن المنيّر: مفهوم الآية زلّت فيه الأقدام، حتى أنكر القاضي أبو بكر صحة

الحديث، وقال: لا يجوز أن يُقبل هذا، ولا يصحّ أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قاله. انتهى.

ولفظ القاضي أبي بكر الباقلّانيّ في "التقريب": هذا الحديث من أخبار

الآحاد التي لا يُعلم ثبوتها.

وقال إمام الحرمين في "مختصره": هذا الحديث غير مخرّج في

"الصحيح"، وقال في "البرهان": لا يصححه أهل الحديث.

وقال الغزالي في "المستصفى": الأظهر أن هذا الخبر غير صحيح. وقال

الدارديّ الشارح: هذا الحديث غير محفوظ.

والسبب في إنكارهم صحته ما تقرّر عندهم مما قدمناه، وهو الذي فهمه

عمر -رضي الله عنه- من حَمْل "أو" على التسوية؛ لِمَا يقتضيه سياق القصّة، وحَمْل

السبعين على المبالغة.

قال ابن المنيّر: ليس عند أهل البيان تردد أن التخصيص بالعدد في هذا

السياق غير مراد. انتهى.

وأيضًا فشرط القول بمفهوم الصفة، وكذا العدد عندهم مماثلة المنطوق

للمسكوت، وعدم فائدة أخرى، وهنا للمبالغة فائدة واضحة، فأشكل قوله:

"سأزيد على السبعين" مع أن حُكم ما زاد عليها حُكمها.

وقد أجاب بعض المتأخرين عن ذلك بأنه إنما قال: "سأزيد على

السبعين" استمالةً لقلوب عشيرته، لا أنه إن زاد على السبعين يُغفر له، ويؤيّده

تردده في قوله: "لو أعلم أني إن زدت على السبعين يُغفر له لزدت"، لكن ثبتت

الرواية بقوله: "سأزيد" ووعْدُهُ صادق، ولا سيما، وقد ثبت قوله: "لأزيدنّ"

بصيغة المبالغة في التأكيد.

وأجاب بعضهم باحتمال أن يكون فَعَلَ ذلك استصحابًا للحال؛ لأن جواز

المغفرة بالزيادة كان ثابتًا قبل مجيء الآية، فجاز أن يكون باقيًا على أصله في

الجواز، وهذا جواب حسن.

وحاصله: أن العمل بالبقاء على حكم الأصل مع فهم المبالغة لا

يتنافيان، فكأنه جوّز أن المغفرة تحصل بالزيادة على السبعين، لا أنه جازم

بذلك، ولا يخفى ما فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015