لكمال شفقته على من تعلّق بطرف من الدين، ولتطييب قلب ولده عبد الله

الرجل الصالح، ولتأليف قومه من الخزرج لرياسته فيهم، فلو لَمْ يُجب سؤال

ابنه، وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح، لكان سُبّةً على ابنه، وعارًا

على قومه، فاستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نُهي عنه، فانتهى.

وتبعه ابن بطّال، وعبّر بقوله: رجا أن يكون معتقدًا لبعض ما كان يظهره

من الإسلام. وتعقّبه ابن المنيّر بأن الإيمان لا يتبعّض، وهو كما قال، لكن

مراد ابن بطال: أن إيمانه كان ضعيفًا. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: إن الإيمان لا يتبعّض فيه نظر لا يخفى؛

إذ الحقّ، والصواب الذي مشى عليه السلف أن الإيمان قول وفعل، ويزيد

وينقص، والقول بأنه لا يتبعّض قول من يقول: إن الإيمان هو التصديق فقط،

وهذا مذهب المرجئة، ومن سار على دربهم، فالحقّ الذي تدلّ عليه نصوص

الكتاب والسُّنَّة أن الإيمان اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح

والأركان، وأنه يزيد وينقص، فتفطّن، ولا تكن أسير التقليد.

[تنبيه]: قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد مال بعض أهل الحديث إلى تصحيح

إسلام عبد الله بن أُبيّ لكون النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى عليه، وذَهِلَ عن الوارد من

الآياتِ، والأحاديث المصرّحة في حقّه بما ينافي ذلك، ولم يقف على جواب

شاف في ذلك، فأقدم على الدعوى المذكورة، وهو محجوج بإجماع من قبله

على نقيض ما قال، وإطباقهم على ترك ذِكره في كتب الصحابة، مع شهرته،

وذِكر من هو دونه في الشرف والشهرة بأضعاف مضاعفة.

وقد أخرج الطبريّ من طريق سعيد، عن قتادة في هذه القصّة، قال:

فأنزل الله تعالى: " {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)} [التوبة: 84]، قال: فذُكر لنا أن نبيّ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

قال: "وما يغني عنه قميصي من الله، وإني لأرجو أن يُسلم بذلك ألف من

قومه". انتهى (?).

(فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّوَجَلَّ -: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ}) متعلق بصفة لـ "أحد"، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015