(وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْم رُؤَيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا)؛

أي: بتلك الرؤيا؛ لأنَّ رؤيا الأنبياء وحيٌ. (قَالَتْ: فَواللَّه مَا رَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

مَجْلِسَهُ)؛ أي: ما فارق - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكان جلوسه، ومصدره الريم بالتحتانية، بخلاف

رام بمعنى طلب، فمصدره الروم، ويفترقان أيضًا في المضارع، يقال: رام يروم

رومًا، ورام يريم رَيْمًا، قاله في "الفتح".

(وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ)؛ أي: من الذين كانوا حينئذ حضورًا،

(حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ - عَزَّوَجَلَّ - عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)، وفي رواية أبي أسامة: "وأنزل الله على

رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ساعته"، (فَأَخَدهُ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مَا) موصول في محل رفع على أنَّه فاعل،

(كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ) بضم الموحّدة، وفتح الراء، ثم مهملة، ثم مدّ: هي

شِدّة الْحُمَّي، وقيل: شدّة الكرب، وقيل: شدّة الحرّ، ومنه بَرَحَ بي الْهَمُّ: إذا

بلغ مني غايته، ووقع في رواية إسحاق بن راشد: "وهو العرق"، وبه جزم

الداوديّ، وهو تفسير باللازم غالبًا؛ لأنَّ الْبُرَحاء شدّة الكرب، ويكون عنده

العرق غالبًا، وفي رواية ابن حاطب: "وشَخَص بصره إلى السقف"، وفي رواية

عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن عائشة عند الحاكم: "فأتاه الوحي، وكان إذا

أتاه الوحي أخذه السبل"، وفي رواية ابن إسحاق: "فسُجّي بثوب، ووُضعت

تحت رأسه وسادةٌ، من أدم".

وقولها: (عِنْدَ الْوَحْي) متعلّق بـ "أخذه"، (حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ)، أي:

ليتصبّب، وشميل (مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ) - بضم الجيم، وتخفيف الميم -: اللؤلؤ،

وقيل: حَبّ يُعمل من الفضة؛ كاللؤلؤ، وقال الداوديّ: خَرَز أبيض، والأول

أَولي، فشَبّهت قطرات عَرَقه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجمان؛ لمشابهتها في الصفاء، والحسن،

وزاد ابن جريجٍ في روايته: "قال أبو بكر: فجعلت انظر إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

أخشى أن ينزل من السماء ما لا مردّ له، وأنظر إلى وجه عائشة، فإذا هو

منبق، فيُطمعني ذلك فيها"، وفي رواية ابن إسحاق: "فأما أنا فوالله ما فَزِعت،

قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي، وأما أبواي فما سُرِّي عن

رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى ظننت لتخرجنّ أنفسهما فَرَقًا من أن يأتي من الله تحقيق ما

يقول الناس"، ونحوه في رواية الواقديّ.

وقولها: (مِنَ الْعَرَقِ) بيان لـ "مثل"، والعَرَقُ مُحرّكة: رشْحُ جِلْدِ الحَيَوان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015