حَدِيثَةُ السِّنِّ، لَا أَقْرَأُ كثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ) قالت هذا؛ توطئةً لعذرها؛ لكونها لَمْ
تستحضر اسم يعقوب - عَلَيْهِ السَّلَامْ -، ووقع في رواية هشام بن عروة: "فلما لَمْ يجيباه،
تشهدتُ، فحمدتُ الله، وأثنيتُ عليه بما هو أهله، ثم قلتُ: أما بعدُ"، وفي
رواية ابن إسحاق: "فلما استعجما عليّ، استعبرت، فبكيت، ثم قلت: والله لا
أتوب مما ذكروا أبدًا".
(إِنِّي والله لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا) الأمر (حَتَّى اسْتَقَرَّ)، وفي
رواوية فُليح: "وقر" بالتخفيف، أي: ثبت وزنًا ومعنى (فِي نُفُوسِكُمْ) وفي بعض
النسخ: "في أنفسكم"، (وَصَدَّقْتُمْ بِهِ) وفي رواية هشام بن عروة: "لقد تكلمتم
به، وأُشربته قلوبكم"، قالت هذا، كان لَمْ يكن على حقيقته، على سبيل
المتهابلة لِمَا وقع من المبالغة في التنقيب عن ذلك، وهي كانت لِمَا تحققته من
براءة نفسها، ومنزلتها، تعتقد أنه كان ينبغي لكل من سمع عنها ذلك أن يقطع
بكذبه، لكن العذر لهم عن ذلك أنهم أرادوا إقامة الحجة على من تكلم في
ذلك، ولا يكفي فيها مجود نفي ما قالوا، والسكوت عليه، بل تعيَّن التنقيب
عليه؛ لِقَطْع شُبَهِهِم، أو مرادها بمن صَدَّق به: أصحاب الإفك، لكن ضمت
إليه من لَمْ يكذبهم تغليبًا.
(فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ) مما رُميت به، وقولها: (والله يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ)
جملة معترضة بين الشرط وجوابه، جىِء بها تأكيدًا للكلام، (لَا تُصَدِّقُونِي
بِذلِكَ)؛ أي: لا تقطعون بصدقي، وفي رواية هشام بن عروة: "ما ذاك بنافعي
عندكم"، وقالت في الشق الآخر: "لتصدقني"، وإنما قالت ذلك؛ لأنَّ المرء
مؤاخذ بإقراره، ووقع في حديث أم رُومان: "لئن حلفت لا تصدقونني، ولئن
قلت، لا تعذرونني".
(وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ) أي: بما رُميت به، (والله يَعْلَمُ أَّني بَرِيئَةٌ
لَتُصَدِّقُونَنِي) بنونين، وفي رواية: "لتصدقُنّي" بتشديد النون، والأصل
تصادقونني، فأدغمت إحدى النونين في الأخرى. (وَإِنِّي والله مَا) نافية، (أَجِدُ
لِي وَلَكُمْ مَثَلًا)، وفي رواية: "والله ما أجد لكم مثلًا"، وفي رواية: "ما أجد
لكم، ولَي مثلًا"، (إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: ) زاد ابن جريجٍ في روايته:
"واختُلس مني اسمه"، وفي رواية هشام بن عروة: "والتمست اسم يعقوب، فلم