جاءا إلى المكان الذي هي فيه من بيتهما، لا أنَّها رجعت من عندهما إلى
بيتها، ووقع في رواية محمد بن ثور، عن معمر، عند الطبريّ: "وأنا في بيت
أبويّ"، (ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتِي الْمُقْبِلَةَ) وفي رواية البخاريّ: "وقد بكيت ليلتين،
ويومًا"؛ أي: الليلة التي أخبرتها فيها أم مسطح الخبر، واليوم الذي خطب فيه
النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس، والليلة التي تليه، ووقع في رواية فُليح: "وقد بكيت ليلتي
ويومًا"، قال في "الفتح": وكأن الياء مشدّدة، ونَسَبتهما إلى نفسها؛ لِما وقع لها
فيها. انتهى. (لَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمِ، وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ)، وفي رواية
فُليح: "حتى أظنّ"، ويُجمع بأن الجميع كانوا يَظنون ذلك، (أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ)
من فلق الشيء: إذا شقّه، (كَبِدِي) بفتح الكاف، وكسر الموحّدة، قال
الفيوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الكبد من الأمعاء معروفة، وهي أنثي، وقال الفرّاء: تُذكّر،
وتؤنَّث، ويجوز التخفيف بكسر الكاف، وسكون الباء، والجمع أكباد، وكبود
قليلًا. انتهى (?).
وقال المجد: الكبد بالفتح، والكسر، وكَكَتِف: معروف، وقد يُذكّر.
انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة القول أن الكبد فيه ثلاث لغات: فتح
آلاف، وكسر الموحّدة، وسكونها، مع فتح الكاف، وكسرها، والله تعالى أعلم.
(فَبَيْنَمَا هُمَا) وفي رواية للبخاريّ: "فبينا هما"، (جَالِسَانِ عِنْدِي، وَ) الحال
(أَنَا أَبْكِي)، وقولها: (اسْتَأْذَنَتْ) جواب "بينما"؛ أي: طلبت الإذن منّي في
الدخول عليّ، (عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ) قال الحافظ: لَمْ أقف على اسمها.
(فَأَذِنْتُ لَهَا) في الدخول (فَجَلَسَتْ تَبْكِي) معي تحزّنًا عليّ. (قَالَتْ) عائشة:
(فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ)، وفي رواية للبخاريّ: "فينا نحن كذلك"، (دَخَلَ عَلَيْنَا
رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)، وفي رواية هشام بن عروة: "فأصبح أبواي عندي، فلم يزالا،
حتى دخل عليّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد صلى العصر، وقد اكتنفني أبواي، عن
يميني، وعن شمالي"، وفي رواية ابن حاطب: "وقد جاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى
جلس على سريرٍ وجاهي"، وفي حديث أم رومان: "أن عائشة في تلك الحالة