وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: عَذَرْتُهُ فيما صنع عَذْرًا، من باب ضرب: رفعتُ عنه

اللوم، فهو مَعْذُورٌ؛ أي: غير ملوم، والاسم: العُذْرُ، وتُضم الذال للإتباع،

وتسكن، والجمع أَعْذَارٌ، قال: وقولهم: مَن عَذِيرِي من فلان، ومن يَعْذرُنِي

منه؛ أي: من يلومه على فعله، ويُنحي باللائمة عليه، ويَعْذِرُنِي في أمره، ولا

يلومني عليه، وقيل: معناه: من يقوم بِعُذْرِي إذا جازيته بصنعه، ولا يلومني

على ما أفعله به، وقيل: عَذِيرٌ بمعنى نصير؛ أي: من ينصرني، فيقال: عَذَرْتُهُ

- من باب ضرب -: إذا نصرته. انتهى (?).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقولها: "فاستعذر"؛ أي: طلب من يقبل عذره، كما

قال: "من يَعذِرنِي من رجل قد بلغ أذاه في أهلي"؛ أي: من يقبل عذري في

حقه، وعقوبته، فقال سعد: أنا أعذرك منه؛ أي ة أقبل عذرك فيه. انتهى (?).

(قَالَتْ) - رضي الله عنها -: (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) جملة حاليّة من

الفاعل، ("يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي) من باب ضرب؛ أي: من يرفع عنّي

اللوم (مِنْ رَجُلٍ)؛ أي: من أجل انتقامي منه، والرجل هو عبد الله بن أبيّ

المذكور، (قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي)؛ أي: في عائشة - رضي الله عنها -، وفي رواية

هشام بن عروة: "أشيروا عليّ في أناس أَبَنُوا أهلي"، وهو بفتح الموحّدة

الخفيفة، والنون المضمومة.

وحَكَى عياض أن في رواية الأصيليّ بتشديد الموحّدة، وهي لغة،

ومعناه: عابوا أهلي، أو اتهموا أهلي، وهو المعتمَد؛ لأنَّ الأَبَنَ بفتحتين:

التهمة، وقال ابن الجوزيّ: المراد: رَمَوا أهلي بالقبيح، ومنه الحديث الذي في

"الشمائل" في ذكر مجلسه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إلا تُؤبن فيه الْحُرَم"، وحَكَى عياض أن في

رواية عبدوس بتقديم النون الثقيلة على الموحّدة، قال: وهو تصحيف؛ لأنَّ

التأنيب هو اللوم الشديد، ولا معنى له هنا. انتهي، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد يوجه

بأن المراد: لامُوهُم أشدّ اللوم فيما زعموا أنهم صنعوه، وهم لَمْ يصنعوا شيئًا

من ذلك، لكنه بعيد من صورة الحال، والأول هو المعتمَد، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -:

التخفيف أشهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015