"قالت: فوالله ما قدرت أن أقضي حاجتي"، وفي رواية ابن أويس: "فذهب
عني ما كنت أجد من الغائط، ورجعت عَودي على بَدئي"، وفي حديث ابن
عمر: "فأخذتني الحمي، وتقلص ما كان مني"، ويُجمع بينهما بأن معنى قولها:
"وقد فرغنا من شأننا"، أي: من شأن المسير، لا قضاء الحاجة (?).
(فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ) بفتح العين، وكسرها، لغتان مشهورتان، واقتصر
الجوهريّ على الفتح، والقاضي على الكسر، ورجّح بعضهم الكسر، وبعضهم
الفتح، ومعناه: عَثَر، وقيل: هلك، وقيل: لزمه الشرّ، وقيل: بَعُدَ، وقيل:
سقظ بوجهه خاصّة، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال في "العمدة": "تَعِسَ" بكسر العين، وفتحها، لغتان مشهورتان،
ومص خاه: عثر، وقيل: هلك، وقيل: لزمه الشرّ، وقيل: بَعُد، وقيل: سقط
لو - نهه، وقيل: التعس: أن لا ينتعش من عثرته، وقيل: تعس تعسًا،
وأتعسه الله، وقال ابن التين: المحدّثون يقرؤونه بكسر العين، وهو عند أهل
اللغة، بفتحها، وقيل: معناه. انكبّ؛ أي: كبّه الله. انتهى (?).
قالت عائشة: (فَقُلْتُ لَهَا؛ بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلَا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ )
وفي رواية هشام بن عروة: أنَّها عَثَرت ثلاث مرات، كلّ ذلك تقول: "تعس
مسطح"، وأن عائشة تقول لها: "أي أمُّ أتسبّين ابنك؟ "، وأنها انتهرتها في
الثالثة، فقالت: "والله ما أسبّه إلَّا فيك"، وعند الطبرانيّ: "فقلت: أتسبّين
ابنلث"، وهو من المهاجرين الأولين؟ "، وفي رواية ابن حاطب، عن علقمة بن
وقاص: "فقلت: أتقولين هذا لابنك، وهو صاحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ففعلت
مرتين، فأعدت عليها، فحدثتني بالخبر، فذهب عني الذي خرجت له، حتى ما
أجد منه شيئًا".
قال أبو محمد بن أبي جمرة: يَحْتَمِل أن يكون قول أم مسطح هذا عمدًا،
لتتوصل إلى إخبار عائشة بما قيل فيها، وهي غافلة، ويَحْتَمِل أن يكون اتفاقًا،
أجراه الله على لسانها، لتستيقظ عائشة من غفلتها عما قيل فيها. انتهى (?).